جهود مضنية لترميم آثار موقع النمرود التاريخي بعد دمار د1عش الإرهـ،ـابي
يواصل علماء الآثار العراقيون العمل الدؤوب لترميم وإعادة تجميع الآثار المحطمة في موقع النمرود، جوهرة الإمبراطورية الآشورية، الذي دمره تنظيم د1عش الإرهـ،ـابي خلال سيطرته على أجزاء واسعة من العراق في عام 2014.
في الموقع، الذي يبعد حوالي 30 كيلومتراً عن مدينة الموصل شمال العراق، دمر التنظيم معابد وقصوراً أثرية، بما في ذلك قصر الملك الآشوري آشورناصربال الثاني، حيث تعرضت أكثر من 500 قطعة من الجداريات والتماثيل البارزة للتحطيم، من بينها تماثيل “لاماسو” الشهيرة.
وحتى الآن، تمكن علماء الآثار من جمع أكثر من 35 ألف قطعة أثرية، وفقاً لما ذكره عبد الغني راضي أحمد، أحد كوادر مفتشية آثار وتراث نينوى. وأوضح أن إعادة تجميع هذه القطع يشبه حلّ أحجية معقدة، حيث تُعرض القطع تحت قماش أخضر اللون استعداداً لترميمها.
وأشار إلى أنه بالرغم من التشويه الكبير، لا تزال بعض معالم القصر الأثري واضحة، مثل النقوش الغائرة التي تصور الملك الآشوري آشورناصربال الثاني ومشاهد أخرى لأسرى مقيّدي الأيدي من المناطق المتمردة التي خضعت للجيش الآشوري.
تأسست مدينة النمرود في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وكانت ثاني عاصمة للإمبراطورية الآشورية. وقد وثقت مقاطع فيديو نشرها د1عش الإرهـ،ـابي في عام 2015 عمليات تدمير بالجرافات والمتفجرات لمعالم أثرية بالموقع، منها معبد نابو الذي يعود إلى 2800 عام.
ومنذ تحرير العراق من التنظيم عام 2017، بدأت أعمال الترميم فعلياً عام 2018، لكنها توقفت خلال جائحة كوفيد-19، ثم استؤنفت في عام 2023.
مدير معهد الأبحاث الأكاديمية في العراق، محمد قاسم، أكد أن الجهود تركز حالياً على جمع وتصنيف الآثار، حيث تم إنجاز نحو 70% من عملية الجمع، مع الحاجة إلى عام إضافي لإكمال المهمة. كما شدد على أن الترميم يتطلب دعماً دولياً وخبرة أجنبية نظراً لحجم الدمار الكبير الذي وصفه بأنه “من أكبر عمليات التدمير البربري في التاريخ الحديث لموقع أثري”.
وأشار إلى أن مدينة النمرود، التي تعتبر أحد أهم مواقع حضارة بلاد ما بين النهرين، بحاجة إلى ما لا يقل عن عشر سنوات من العمل المكثف لإجراء صيانة شاملة.
وزير الثقافة العراقي أحمد فكاك البدراني، الذي زار الموقع، أشاد بالجهود المبذولة من علماء الآثار، لكنه أكد أن عمليات صيانة الآثار تتطلب موارد مالية كبيرة وخبرات إضافية، مشيراً إلى استمرار التحقيق في عدد القطع الأثرية المسروقة التي يُعتقد أن التنظيم الإرهـ،ـابي باعها في السوق السوداء.
النمرود، التي اشتهرت عالمياً بنقل تماثيلها إلى متاحف دولية كالمتحف البريطاني واللوفر، تظل رمزاً لإرث إنساني يواجه تحديات كبيرة في سبيل الحفاظ عليه للأجيال القادمة.