شارع “حضرة عباس” في مومباي الهندية يرتدي السواد إيذانًا ببدء موسم العزاء الحسيني

شارع “حضرة عباس” في مومباي الهندية يرتدي السواد إيذانًا ببدء موسم العزاء الحسيني
مع اقتراب حلول شهر محرّم الحرام، بدأ شارع “حضرة عباس” في منطقة دونغري، التي تُعد قلب الجالية الشيعية في مدينة مومباي الهندية، يتحول إلى فضاءٍ يعبق بالحزن والولاء، معلنًا بداية موسم العزاء الحسيني الذي يحظى بمكانة مركزية في وجدان المسلمين الشيعة حول العالم.
اللون الأسود غطى الواجهات، والرايات الحسينية ارتفعت في كل زاوية، فيما دبّت الحركة في المساجد والحسينيات، إيذانًا بانطلاق المجالس التي تستذكر واقعة كربلاء بوصفها حدثًا يتجاوز التاريخ، ليُجسّد ميثاقًا مستمرًا مع القيم التي ضحّى من أجلها الإمام الحسين عليه السلام.
وفي هذا السياق، عاد صوت الحاج محمد رضا باريخ، المعروف محليًّا بلقب “حاجي بهاي”، ليملأ مجالس العزاء بالمراثي، وهو أحد أبرز قرّاء المراثي في المنطقة، ويتميّز بقدرته على إيصال فاجعة الطف بأسلوب يمزج بين الشعر والتأثير العاطفي العميق. ويُعرف “حاجي بهاي” بدوره المحوري في إحياء المجالس الحسينية في مسجد خوجة، ومسجد المغول، وقاعة كيسار باوغ، حيث يتوافد المئات من محبي أهل البيت للاستماع إلى مراثيه.
في قاعة كيسار باوغ، تتجلّى صورة أخرى من صور الوفاء، عبر تقليد عائلي تقوم به عائلة آل باريخ، يتمثل في خدمة أحذية المعزين، وهو تقليد توارثته الأجيال باعتباره نوعًا من الخدمة المباركة في مواكب العزاء.
وتحمل منازل دونغري، هذه الأيام، طابعًا استثنائيًا؛ حيث يتحول كل بيت إلى منبر، وكل شاعر إلى لسان ينطق بآلام كربلاء، في تجلٍّ جماعي لثقافة الولاء التي عمّقتها القرون واحتضنتها الذاكرة الجمعية.
من كربلاء إلى مومباي، يمتد الصوت نفسه، وتعلو الصرخة ذاتها: “يا حسين”. وهي صرخة لا تعرف الحدود ولا الزمن، تُطلقها القلوب قبل الألسن، لتؤكد أن مأساة كربلاء لا تزال حيّة، وأن دموع الحسين ستبقى تسقي جذوة الوعي حتى قيام الساعة.