تشهد فرنسا حالة من التمييز الواضح ضد مسلميها، فمؤسسات الدولة الرسمية تتبنى نهج اليمين المتطرف ممارسةً وتشريعاً بحجة حماية “قيم الجمهورية”، والتي يبدو أنها تحولت إلى سياسة رسمية تلوّح بعصا القيم لإقصاء المسلمين، وفقاً لما أفاده موقع (تي آر تي عربي) وتابعته (شيعة ويفز).
وفي هذا الإطار قال المفكر والمستشرق الفرنسي فرانسوا بورغا، مدير المعهد الفرنسي للشرق الأدنى: إن “الخطاب العنصري ضد المسلمين بينما كان محصوراً في فئات معينة أصبح خطاباً رسمياً تتبناه الدولة، وهذا يعكس أزمة مركَّبة يُنظر إلى البعد الأول منها في إطار انتخابي، إذ إن الرئيس ماكرون أدرك أنه لن يُعاد انتخابه بأصوات اليسار، فتبنّى خطاباً متشدداً لاستقطاب اليمين المتطرف”.
أما البُعد الآخر في رأي بورغا فيتعلق بالجانب التاريخي، وينقسم إلى شقين: “أولهما حالة ذات خصوصية لفرنسا عن غيرها، تتعلق بالثورة الفرنسية، حينها تأكد للفرنسيين أنهم ليس بإمكانهم تحقيق التقدم إلا بالتخلص من الدين ممثَّلاً في سطوة الكنيسة، والشق الثاني متصل بالتاريخ الاستعماري الفرنسي، إذ كانت علاقة فرنسا بالإسلام كونه فقط دين بعض مستعمراتها، لكن بعد موجات الهجرة إلى فرنسا أصبح الإسلام موجوداً كدين داخل أراضيها، وبالتالي ظلت النظرة إلى الإسلام باعتباره ديناً قادماً من الخارج”.
فيما أكّد الباحث والمحاضر في الجغرافيا السياسية بباريس، عماد الدين الحمروني، أن “الجمهورية الفرنسية لم تتخلص بعد من نظرتها العنصرية تجاه الإسلام، حتى إن أحزاباً بنت مشروعها السياسي على معاداة الإسلام، مثل اليمين المتطرف ممثلاً في حزب التجمع الوطني المتطرف”.
في السياق ذاته يرى الباحث في الشؤون الأوروبية حسام شاكر، أن “التعامل الفوقي مع مسلمي فرنسا ومحاولة التحكُّم في ما يمكن للنساء المسلمات ارتداؤه من ملابس، ليس أمراً عابراً، بل نهج تقليدي ظهر خلال الثمانينيات ثم تَجدَّد في التسعينيات، ودخل موجة أشدّ في منتصف العقد الأول من القرن 21 عبر قانون “حظر الرموز الدينية البارزة”، ثم توالت الإجراءات والقوانين التمييزية بحق المسلمات، واتسع هذا التمييز ليتجاوز اختيارات الملابس إلى المفاهيم والأفكار وما يقال في المساجد ووظائف الأدوار المتصلة بالعبادة لدى المسلمين”.
وأضاف شاكر، أن “فرنسا لا تفتقر إلى الأصوات المنصفة، لكن هؤلاء يدفعون ثمناً لمواقفهم بعزلهم وتطويقهم بالاتهامات، مثل ما حدث من وصف أساتذة جامعيين وسياسيين غير مسلمين بأنهم “يسار إسلامي”، وهو مصطلح شهد صعوداً خلال عام 2020، ليعبّر عن ذروة في ما يمكن اعتباره “مكارثية” سياسية جديدة في فرنسا تطارد الناس على أساس ميولهم وقناعاتهم المحتملة”.
تجدر الإشارة إلى أن وزيرة التعليم الفرنسية السابقة نجاة فالو بلقاسم في لقاء سابق مع إذاعة “فرانس إنتر”، قالت إن “العلمانية باتت تُستخدم في فرنسا فقط لإقصاء الإسلام”، وإن الحكومة لديها رغبة في ذلك على الأغلب.
ورصدت جمعية “التجمع ضد الإسلاموفوبيا” في فرنسا قبل حلها في أواخر 2020، في تقرير لها (789) عملاً يندرج تحت مظلّة كراهية المسلمين خلال عام (2019)، (59%) منها صدرت عن مؤسسات حكومية.