مزار (شاه جراغ) في شيراز.. ثالث وجهة للحج بعد مرقدي الإمام الرضا والسيدة المعصومة (عليهما السلام)
شيعة ويفز/ خاص
على مدى ستة قرون خلت، احتضن مزار (شاه جراغ) في مدينة شيراز الإيرانية، الاحتفالات الدينية للمسلمين الشيعة، ويعدّ اليوم من أكبر مراكز العبادة في المدينة.
يضمّ المزار ضريح السيّد (أحمد) شقيق الإمام علي الرضا ابني الإمام موسى الكاظم (عليهم السلام)، والذي لجأ إلى هذه المنطقة هرباً من بطش العباسيين، الذين أذاقوا الشيعة وخاصّة العلويين وذراري أهل البيت (عليهم السلام) شتى أنواع العذاب.
ويتميّز المزار المبارك، بالعمارة الإسلامية الممتزجة بروح الفنّ الفارسي، تعلوه قبّة مكسية بالكاشي المعرّق (القاشاني القشيب)، وتحاذي جسم المسجد من الخارج منارتان شامختان كشموخ صاحب المقام الشريف، وقد تم العناية بعمرانه وتطوير المنطقة المحيطة به، وخاصة الساحة الخارجية الواسعة، والأواوين التي تحتضن آلاف الزائرين من داخل إيران وخارجها.
أما لقب (شاه جراغ) فقد أُطلق عليه من قبل أهالي المدينة، وهو يعني (ملك النور)، وتم اكتشاف القبر من قبل الأمير عضد الدولة البويهي، فعنى بعمرانه والاهتمام به، حتى أصبح من أهم المزارات الشيعية.
وتم تزيين الفضاء الداخلي للروضة المقدسة والسقوف، بالمرايا الصغيرة الملونة والتي تعرف بفن (التزجيج)، بأسلوب فني رائع إضافة إلى استخدام الأحجار الكريمة والمرمر الطبيعي مع نقوش إسلامية وكتابة الآيات القرآنية المطهرة، والتي زادت الفناء الداخلي جمالاً ساحراً، حتّى أنّ المصور الصيني (فينغ وي) كتبَ عن جمالية العمران الداخلي خلال زيارته للمزار وخاصّة فنون الزجاج والمرايا التي صنعت رونقاً جميلاً للمكان.
وبحسب ما دوّنه (وي) وأرفقه لصور الضريح المبارك، قال: إنّ “هذا المسجد الجميل يعدّ ثالث وجهة حج مقدسة في إيران، بعد مرقد الإمام الرضا والسيدة فاطمة المعصومة (عليهما السلام)”.
أما عن سيرة السيد أحمد (شاه جراغ) فقد قال المؤرخون: إنه “كان رجلاً كريماً جليلاً ورعاً ذا شأن عظيم”.
ويشيرون أيضاً إلى أنّ “الضريح المبارك يضمّ رفات جسد علوي آخر يُعتقد أنه السيد محمد شقيق السيد أحمد والإمام الرضا (عليهم السلام)”.
ومرّت على المرقد الشريف، مراحل عمرانية عديدة، بداية من حكام (الأتابك) ووصولاً إلى عائلة (آل المظفر) في إيران.
وفي العام (997 هـ)، حدث زلزال كبير في مدينة شيراز، مما أدى إلى انهيار أجزاء من الضريح والقبة، لذلك تم تشييدهما من جديد وترميم سائر أجزاء المرقد.
أما البناء الحالي، فقد تم تشييده قبل (50 سنة)، بعد أن تم إزالة السوق والأبنية المحيطة به لأغراض توسيع صحنه الخارجي، وتم وضع شباكين من الفضة على القبرين الشريفين، فيما أصبح الضريح الطاهر للسيد أحمد بمساحة (2000 متر مربع)، فيما تبلغ مساحة ضريح السيد محمّد (1000 متر مربع)، وهما بارتفاع (13 متراً)، وتحيط بهما أواوين وغرف علوية، تستخدم قاعات لاستراحة للزائرين وأداء الأعمال العبادية.