بعد قرابة تسع سنوات من نهب أضرحة (تمبكتو) بجمهورية مالي الأفريقية، وخمس سنوات بعد إعادة بنائها، استعاد السكان هذه الكنوز الدينية التي لا تنفصل عن هويتهم، معربين عن أسفهم لانتشار الفكر الوهابي الذي يرى في قبور الأئمة والأولياء الصالحين شركاً وكفراً.
وتعتبر أضرحة هذه المدينة الساحرة، قبور عدد من علماء الدين المسلمين والمشمولين بالكرامات الإلهية والمعظمين من قبل أهالي المدينة، والتي أصبحت تسمى بمدينة الـ (333 قديساً)، خصوصاً وأنها تعد أهم العواصم الإسلامية في غرب أفريقيا.
وقال إبراهيم السيوطي، نائب إمام الجامع الكبير في مدينة دجينكيربر في تصريح تابعته (شيعة ويفز): إن “الذين دُفنوا هم شخصيات عظيمة ميزت العصور بسعة الاطلاع والاستقامة الأخلاقية”.
وتابع حديثه، بأن “ممارسة شعائر الزيارة حول الأضرحة هي لطلب البركات والتأمل والتفكر، وطلب الرحمة من الله (سبحانه وتعالى) كرامة لهؤلاء المدفونين في الأضرحة”.
وأضاف، “زيارتنا لهذه الأضرحة لا تعني تأليههم، وإنما نتقرب إلى الله تعالى بهم”.
وفي العام 2012، قام جهاديو أنصار الدين أحد أذرعة القاعدة الإرهابية، بتدمير (24) من أضرحة المدينة.
ويقول أهالي المدينة: إن “الحادثة ذكرى سيئة، شهدها أغلبهم، حيث أقدم أحد الإرهابيين ويدعى (أحمد الفقي) وقام بتهديم الأضرحة بالمعاول مع أشخاص آخرين”.
وأضافوا بأن “مدنهم ابتليت بظهور حركات التطرف والتكفير، التي تتبنى الهدم والقتل سياسة معلنة لها، تزيد عنفاً وتطرفاً وقسوة مع الوقت”.
وبعد أكثر من (700 عام) من بناء أقدمها، وبعد ثلاث سنوات من تدميرها، أعيد بناء أضرحة تمبكتو باستخدام الأساليب التقليدية.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية المختصة في جرائم الحرب يوم 22 أيلول/سبتمبر 2016، حكمًا بالسجن تسع سنوات على الفقي، في إدانة له بتهمة تدمير أضرحة تاريخية مدرجة على لائحة التراث العالمي للإنسانية في تمبكتو.
وكان المتمرّدون المرتبطون بتنظيم القاعدة قد احتلوا هذه المدينة الصحراوية الأسطورية في تمبكتو في العام 2012 وفرضوا تفسيرًا صارمًا متشددًا للشريعة الإسلامية يدعو إلى تدمير المقابر التاريخية المبنية بالطوب حيث يعتبرونها وثنية.
وتعيد هذه الحادثة للأذهان، ذكرى تهديم قبور أئمة البقيع (عليهم السلام) على يدي التكفيريين، الذين أفتوا بحرمة بنائها، ولا تزال أبصار الشيعة شاخصة إليها بانتظار إعادة بنائها والتبرّك بها.