قادنا البحث والتقصّي (في شيعة ويفز) عن أخبار المسلمين الشيعة حول العالم ومتابعة أنشطتهم المختلفة، إلى الوقوف عندَ فيلم وثائقي أُنتج قبل عامين يتحدّث عن عائلة ذاتِ أصول (مسيحية أرثوذكسية)، تعيش في فرنسا حياةً هانئة ومستقرّة ومتحابّة فيما بينها، إلا أنّ المفاجأة كانت أن أفراد هذه العائلة يعتنقون المذهب الشيعي ويقرّون بولاية أهل البيت (عليهم السلام)، والجميل أن منزلهم الذي يقع وسط قرية “كونديلي هيربي” في الريف الفرنسي، قد تحول إلى شبه مركز ديني فلوحات مثل (اللهم صلِ على محمد وآله) وأسماء الأئمة الأطهار (عليهم السلام) تزيّن جدرانه الضاجّة بمحبّة العترة الطاهرة.. إليكم القصّة:
على بعدِ ساعات من العاصمة الفرنسية، تقع قرية “كونديلي هيربي” الهادئة، والتي يتوسطها معلم بارز تحيط به المناظر الطبيعية الخلابة، إنه بيت عائلة الأشقاء (عبد الرحمن وعبد المجيد وناصر) وعائلاتهم الذين تركوا الاعتناق بالمسيحية والدخول إلى رحاب مذهب أهل البيت (عليهم السلام).
الفيلم الوثائقي يُظهر منزلاً جميلاً يتوسط مناظر طبيعة خلابة، وهو عبارة عن مركز أقرب منه إلى متحف مصغر حيث يضم صوراً ولوحات فنية تدلّ على اعتقادات سكانها، حيث يقولون: أنه المركز “الذي نبني به عقيدتنا وإيماننا”.
ويتحدّث أحد أفراد العائلة وهو (عبد الرحمن) قائلاً: “نحن حقاً شيعة منذ البداية، ولكن لم نعرف ذلك!”، مضيفاً، “أسلمنا لأنّنا مؤمنون حقاً، نحن المسيحيون الفعليون، وسنوات مرت ولم يفهم البعض كيف يكون هناك فرنسيون مسلمون، بل الأسوء من ذلك أنهم أصبحوا لا يعتبروننا فرنسيين، على الرغم من أننا نعرف بعضنا بعضاً منذ الطفولة”.
ويتابع بالقول: “خلال السنين التي مررْنا بها في حيواتنا، شعرنا أن الله يرعانا، وأصبحت القرية عنوان تحرّر بالنسبة لنا” مبيناً بشيء من الفلسفة الروحية أنّ “الحياة هي الوقت لمعرفة أفعالك خلال الابتلاءات والاختبارات”.
وعن تجربته في اعتناق الدين الإسلامي فيبين أن “عائلته لم تسأله يوماً عن رأيه في الدين والعقيدة حتى مات والده، كما أنهم احترموا آرائنا لأننا لم نرفض التعليم الديني الذي علّمونا إياه، وقد تفاجئوا في البداية لدرجة الصدمة، لكن لاحقاً تبين لهم إن الأمر ليس سيئاً”.
عبد الرحمن من مواليد (1957 م) ويؤكّد أنهُ سعيد جداً بحياته مع أخوته وأفراد عائلته، لافتاً إلى أن “الريف الفرنسي هو موطن لكثير من الكاثوليك، وهو عبارة عن أحياء شعبية حيث الناس يعرفون بعضهم بعضاً، والعادات والتقاليد الكاثوليكية متجذّرة في المجتمع، بعيداً عن المجتمع العلماني في العاصمة باريس”، مشيراً إلى أنّ “الدينّ يحدّد ثقافة وبيئة المجتمع”.
ويختتم حديثه بالقول: “هناك أشياء تجهلها وتجعلك تشعر بقلق وعدم ارتياح، فهناك شيء مفقود إنه (نور المستوحشين في الظلم) كما في دعاء كميل”.
أما أخوه عبد المجيد فيوضّح أن “اسمه كان بالفرنسية المسيحية (جون لوك رينيه ريموند)”، مضيفاً أن “عمره كان (27 عاماً) عندما دخل لرحاب الدين الإسلامي وأصبح شيعياً إمامياً”، مؤكداً أن “التشيّع يُعدّ له عقيدة عظيمة، والحمد لله أن لدينا الإمام الغائب الذي يجب أن نسلّم له، واهتمامي الوحيد أن أكون مقتدياً بإمامي”.
ويضيف وهو يقلّب قاموساً لغوياً (فرنسي ـ عربي): “أنا محظوظ لأن أهلي أحبوني واهتموا بي وأقربائي كانوا كل شيء بالنسبة لي، والحمد لله كانت طفولتي جميلة جداً، والأمر كان أهون عليّ من عبد الرحمن لأن طفولته كانت قاسية”.
وزاد بالقول: “كان أبي كاثوليكيا ولم يدخل أي دين لأنه كان ضد كل الأديان، أما أمي فقد أدخلتني إلى التعليم الديني في الكنيسة وتم تعميدي، ثم تزوّجت في الكنيسة على الرغم أنني لم أكن من المؤمنين بها وبعدها اعتنقت الإسلام وأصبحت شيعياً”.
ويضيف، “المستقبل يعتمد على أطفالنا، وسيقرّرون إذا كانوا سيكملون هذه القصّة”.