شيعة الجزائر.. بين كماشتي نار “التجاهل الرسمي والرفض السلفي”
شيعة ويفز/ خاص
أصبحَ الخوف من انتشار المذهب الشيعي في الجزائر، يوصفُ بـ “المد الشيعي” وليس “التحوّل والاستبصار” للدخول إلى رحاب مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، وهو ما جعلَ شيعة الجزائر يعيشون في صمت وخوف مستمر وسط التجاهل الرسمي بالرغم من “إقرار قانون ممارسة الشعائر الدينية في 2006” والرفض الشعبي في أكثر الأحيان لهم “بسبب انتشار الحركات السلفية المتشدّدة” ومنها حركة الصحوة السلفية غير المرخّصة.
تزايد أعداد شيعة الجزائر يخيف السلفيين!
ومع الانكار المتعمّد للوجود الشيعي في الجزائر، وجعله “مذهباً سياسياً” كما يحلو للتيار السلفي من وصفه وليس “عقائدياً ومذهباً إسلامياً عظيماً”، فإن أعداد الشيعة في تزايد مستمر خاصة في المدن الكبرى كالعاصمة الجزائرية ومدن وهران وقسنطينة إضافة إلى تواجدهم في ولايات (تبسة، باتنة، سطيف، عنابة، برج بوعريرج، البويرة) وكذلك في (وهران، بلعباس، مستغانم، عين تموشنت، معسكر وتيارت) إذْ يقدّر عددهم بأكثر من (150 ألف شيعي) وبتزايد مستمر بحسب المراكز البحثية، وهم يمارسون طقوسهم الدينية وشعائرهم الحسينية في بيوتهم مع منع إقامة الحسينيات والمساجد الخاصة بهم، كما أنّ عدداً ليس بقليل يأتي كل عام لإحياء الزيارة الأربعينية المباركة في كربلاء المقدّسة، على الرغم من خطورة هذا الأمر، إذْ قامت السلطات الجزائرية قبل ثلاث سنوات باعتقال (400 شيعي) سافروا إلى العراق لأداء زيارة العتبات المقدسة، وتم مصادرة كتبهم الدينية.
ويجد أتباع مذهب أهل البيت (عليهم السلام) من مواطني الجزائر صعوبة بالغة في الإقرار بهم والإعلان عنهم بسبب المدّ الحقيقي المتفشّي للسلفية الذين يكفّرون الشيعة ويدعون لقتلهم، كما أن كثيراً ما يشير مناهضو المد الشيعي بالجزائر إلى أن الأمن المجتمعي في خطر، وهو العكس من ذلك، حيث لا يعرف مذهب إسلامي متسامح ويدعو للتعايش السلمي كالمذهب الشيعي، بحسب ما صرّح به في وقت سابق الكاتب الصحفي (الصادق سيالمية) أحد أتباع المذهب الشيعي، مضيفاً ان “عقلية الرفض والتحجّر تجعل الشيعي لدى الكثير من الناس في صورة الشيطان ولذلك يتحاشى الكثير منّا إعلان وجوده”.
وهذا الخوف الذي يكشف عنه أتباع أهل البيت (عليهم السلام) في الجزائر، يبرهن عليه تصريح سابق لوزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري، محمد عيسى، الذي أكد في أكثر من مناسبة: “أن بلاده لا تتسامح مع ظاهرة التشيع التي تنامت بشكل واضح وسط الشباب بالجزائر”.
عوامل كثيرة ساعدت بانتشار المذهب الشيعي
وعلى الرغم من هذا الخوف الرسمي والسلفي من انتشار المذهب الحق، فإنّ عوامل كثيرة ساعدت من تعرّف الجزائريين على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) وإعلان اعتناقه له، أبرزها:
1- تزايد أعداد الفضائيات الشيعية، التي أصبحت تدخل بيوت الناس لتعريفهم بالمذهب الإمامي الأصيل.
2- انتشار الكتب الدينية الشيعية والمواقع الإلكترونية، واستقطاب القرّاء لها من المجتمع الجزائري.
3- حالات الاستبصار بين عدد من مثقفي ومفكري الجزائري ورجال الدين من مذاهب إسلامية أخرى، والذين ساهموا بانتشار المذهب الشيعي الأصيل بين أهلهم وأصدقائهم.
ويقرّ الباحث (محمد بوبوش) أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول، بأن “حجم التشيّع في الجزائر ظاهرة حقيقية، باعتراف الكثير من فئات الشعب الجزائري، فقد بدأت تتوسع في ربوع الجزائر، بعد تشيّع المئات من الجزائريين، بينما يصرح بعض الأئمة والمطلعين على خفايا التشيّع بأن عدد المتشيّعين يصل إلى الآلاف”.
ويضيف بأن “أبرز الفئات التي تشيّعت فهي: الطبقة المثقفة، مثل: أساتذة الجامعات، وبعض الطلبة، مما يعني أن الذين يقفون وراء حركة التشيّع في الجزائر يريدون بناء نواة جزائرية؛ تكون قادرة على الأخذ بزمام المبادرة والتخطيط والتنفيذ”.
ويرفض بوبوش الحديث عن طائفية الجزائر بسبب الشيعة، مؤكّداً أن “شيعة الجزائر لا يشكّلون أي تهديد للنسيج الاجتماعي”.