مرقد السيد عيسى البرزنجي في السليمانية شاهدٌ آخر على عظمة أهل البيت (عليهم السلام)
شيعة ويفز/ علي الجبوري
تنتشرُ مراقد ومقامات أهل بيت الرسول الكريم محمد (عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام) في بقاع مختلفة من العالم، إلا أن أرض العراق كانت صاحبة الحظ الأوفر في احتضان أجسادهم الطاهرة منذ مئات السنين، وقد لاقت اهتماماً كبيراً من قبل محبّيهم خلال السنوات الأخيرة وأصبحت محطّ أنظار العالم.
ويعدّ مرقد السيد عيسى البرزنجي في ناحية برزنجة بمحافظة السليمانية والذي ينتهي نسبه الشريف إلى الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) شاهداً آخرَ على عظمة هذه الشجرة النبوية التي حملت على عاتقها نشر العدالة الإنسانية على الأرض وإعلاء كلمة الخالق الواحد وهو اليوم مزار يقصده الآلاف من الزائرين ليحلّوا في رحابه الطاهر وينهلوا من عطائه الثرّ.
ـ الهوية الشخصية
هو السيد عيسى البرزنجي بن السيد علي بابا الهمداني بن السيد أبي يوسف الهمداني بن السيد محمد منصور بن السيد عبد العزيز بن السيد عبد الله بن السيد إسماعيل المحدّث بن الإمام موسى الكاظم (عليهم السلام)، عالم فاضل ورجل شاع صيته وكراماته على مدى سنين عديدة، وقد عاش هذا السيد الكريم في سنة (726 للهجرة) حسبما تذكر الوثائق التاريخية.
ويقول الباحثون أن السيد عيسى البرزنجي عاش فترة شبابه في مدينة همدان في إيران وجاء بعدها على العراق مروراً بمحافظة السليمانية وكان وصوله ليلاً وبات فيها وحلم بأن رسول الله (صل الله عليه وآله) زاره في المنام وأمره بأن يبني مسجداً، وكما تنقل الروايات ويؤكد عليه أهل المدينة بأنّ حجارة سوداء مشابهة لحجر الكعبة أنزلت عليه من السماء إلى هذا السيد العظيم وقد أمره الرسول الكريم أن يبني مسجداً مكان الحجارة وهذا المسجد لا يزال شامخاً ويصلي به أهالي برزنجة وكذلك الحجر الأسود لا يزال يحتفظ به داخل المسجد للتبرك به ونيل الكرامات.
وقد تزوّج السيد البرزنجي من فتاة أسمها فاطمة وأنجبت له (12 ولداً)، وعاشوا في نفس القرية وتوفوا فيها، وقد أخذ السيد عيسى لقب البرزنجي من أسم القرية والتي تعني (المكان العالي)، وعاش أواخر أيام حياته في هذه القرية وتوفي فيها وبنى أهالي برزنجة لقبره الشريف مرقداً صغيراً يشبه الكوخ وبقي على حاله، إلى أن تم إعادة بناء مرقده من جديد (في عهد رئيس الجمهورية العراقي الراحل جلال طالباني) وأصبح على ما عليه الآن بشموخه وجمالية تصميمه.
ـ وصف المرقد الشريف
يقع مرقد السيد عيسى البرزنجي في ناحية برزنجة التابعة لمحافظة السليمانية إحدى المحافظات العراقية الشمالية، وهي ناحية صخرية ريفية تحيط بها الجبال العالية من كل جهاتها، ويقع المرقد على تلة كبيرة وشامخة وبمساحة تصل إلى (1000 م2)، وتم تشييد المرقد بأحجار الرخام القوية وتعلوه قبة خضراء كبيرة ويوجد في داخل المرقد القبر الشريف الموضوع في شباك كبير مصنوع من الذهب الأبيض والأصفر إضافة إلى قبر أخيه السيد الفاضل موسى البرزنجي، كما وتحيط بالمرقد حديقة ومقبرة لأهالي القرية، وكذلك تحتوي على شجرة توت تعود إلى مئات السنين ولا تزال ترفرف بجنب المرقد الشريف ويتبارك بها الزائرون ولها قصة أيضاً.
كما يوجد في منطقة قريبة من المرقد الشريف، المسجد الذي بناه السيد عيسى البرزنجي وهو لا يزال قائماً إلى الآن حيث يؤدي أهالي برزنجة فيه صلواتهم وعباداتهم، ولا يزال المسجد يحوي على الحجارة السوداء، وينقل أهالي المنطقة أنه المقبور صدام حسين أمر في ثمانينات القرن الماضي بهدم المرقد والمسجد والاستيلاء على الحجر الأسود وأرسل حينها جيشاً مؤلفاً من (70 جندياً) بكامل عتاده إلا إن عاصفة ثلجية أبادت الجيش في مكانه قبل أن ينفذ الأوامر “كرامة” للسيد البرزنجي.
عاشوراء برزنجة
يقيم أهالي القرية عزاء الإمام الحسين (عليه السلام) خلال شهري محرم وصفر الأحزان في كل عام، ويقيمون الشعائر الحسينية حيث يجتمعون عند مرقد السيد عيسى البرزنجي وينطلقون منه في موكب حافل خلال يوم العاشر من محرم ليتذكروا فيه مصاب سيد الشهداء وأهله بيته (عليهم أفضل الصلاة والسلام).