أخبارالعتبات والمزارات المقدسة

مرقد السيدة زينب الصغرى (عليها السلام) في قضاء سنجار.. مهوى أفئدة المحبّين وصرحٌ يشمخ رغم أنوف الناصبين

شيعة ويفز/ خاص

يجتذبُ مرقد السيدة زينب الصغرى بنت الإمام السجاد (عليهما السلام) الواقع في قضاء سنجار بمدينة الموصل العراقية، أنظارَ المحبّين والموالين لأهل البيت (عليهم السلام)، الذين يتوافدون عليه باستمرار للتبرّك بهذه السيّدة الطاهرة التي سقطت ميتة خلال رحلة السبي الآثم الذي تعرضت له نساء آل البيت (عليهم السلام) في طريقهنّ من مصرع الطفوف صوب مدينة الشام، وليعيدَ أحفاد يزيد اللعين أحقادهم حيث تعرّض للقصف والتهديم من قبل عصابات داعش الإرهابية عام 2017، لتعلو من على تلّته صرخاتٌ تستنكر الظلامات التي تعرّض لها وما يزال آل البيت الأطهار وشيعتهم.

ويقعُ المرقد الشريف الذي يضم إلى جانبه مقام السيدة زينب الكبرى (عليها السلام) في المكان الذي أدخل فيه جيش يزيد اللعين سبايا آل البيت الى صومعة الراهب المسيحي الذي قام بنحت رأس الإمام الحسين (عليه السلام)، بحسب المتن التاريخي الذي روى هذه القصة المؤلمة.

تاريخ بناء وتشييد المرقد الطاهر

تشير النصوص التاريخية إلى أن “إظهار قبر السيدة زينب الصغرى بنت الإمام السجاد (عليهما السلام) يعود ما بعد واقعة عاشوراء الأليمة، وتحديداً خلال فترة حكم المختار الثقفي (رضوان الله تعالى عليه) الذي نصّب إبراهيم بن الأشتر (رضوان الله تعالى عليه) والياً على الموصل والذي بدوره جعله أحد عمّاله والياً على سنجار، وأخذ الأخير يهتم بأعمال البناء ومنها إظهار قبر العلوية الطاهرة زينب الصغرى (عليها السلام)”.

ثم ازداد الإهتمام بهذا المشهد المشرّف بعد القرن الثالث الهجري خلال حكم الفاطميين والبويهيين والحمدانيين الذين يعتقدون بالمذهب الشيعي، إلا أنّ اللافت في هذا المرقد الشريف أنه أُقيم على تلة عالية تسمى بالتلة الزينبية وهي تتشابه مع مقام التل الزينبي المشرف في مدينة كربلاء المقدسة، والذي وقفت عليه السيدة زينب العقيلة (عليها السلام) وهي تشاهد مصرع أخوته في معركة الطف الخالدة.

ويؤكد الباحث الدكتور حسن كامل شميساني في كتابه (مدينة سنجار من الفتح الإسلامي إلى الفتح العثماني) أن “هذا المقام المطهر يعود إلى السيدة زينب بنت الإمام علي السجاد بن الإمام الحسين بن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، وقد تعاقب على تجديده وبنائه عدد من الحكام الشيعة، وصولاً إلى القرن السابع الهجري، حيث أمر الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ في العهد الأتابكي بإعادة بنائه وتشييد قبّته المشرفة”.

فيما يوضّح الباحث السنجاري (بكر علي آل إبراهيم) إن “المرقد الشريف يضمّ إلى جانب قبر السيدة زينب الصغرى (عليها السلام)، قبرين آخرين يُعتقد أنهما لولدين اثنين من أبناء الإمام علي (عليه السلام)، توفّيا معها خلال رحلة السبيّ ووُريهما جثمانهما في هذا المكان الطاهر”.

بينما يقول الأمين الخاص للمزار الشريف السيد عامر أيوب الحسيني إن “المرقد الشريف تم تجديده سنة (1105 هـ) من قبل السيد خدادين بيلوك باش وظل تحت رعاية أسرته لأكثر من (327 سنة)، وفي سنة (1417 هجرية) اضطلع السادة الحسينيون بتعمير المرقد وبقي تحت رعايتهم”.

وعن وصف المرقد الطاهر، يوضح الحسيني أن “المساحة الكلية له تصل إلى (2500 متر مربع)، وتحتوي على قاعة مساحتها أكثر من (600 متر مربع)، أما مساحة الضريح الطاهر فتصل لـ (12 متراً مربعاً)، وعليه شباك قامت بصناعته ورشة ميثم التمار (رضوان الله تعالى عليه)، فضلاً عن مصلّى للرجال وآخر للنساء بمساحة (300 متر مربع) لكليهما، أما مساحة الصحن الخارجي فتقدر بأكثر من (1500 متر مربع) ومن المؤمل إكمال تسيقفه”.

جرائم اليزيديين تتكرر

خلال فترة احتلال عصابات داعش الإرهابية لمدينة سنجار، فقد عمدت أول مرة على تهديم المرقد الشريف للسيدة زينب الصغرى (عليها السلام) بالكامل، لتعيد للأذهان تلك الظلامات المروّعة التي تعرّض لها آل البيت (عليهم السلام) على أيدي أعوان اللعين يزيد بن معاوية، إلا أنّ محبة الموالين لأهل البيت (عليهم السلام)، أبت إلا أن تتم إعادة بناء المرقد الشريف مرّة أخرى بوصفه معلماً شيعياً وإسلامياً، حيث توجّه بعد تحريل المنطقة مباشرة وفد من لجنة الإرشاد والدعم المعنوي في قسم الشؤون الدينية التابع للأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة بزيارة لقضاء سنجار، وقام بإزالة الأنقاض ووضع شباك صغير على القبر الطاهر، إذْ أنجزت الكوادر الفنية في ورشة ميثم التمار (رضوان الله تعالى عليه) لصناعة الاضرحة والشبابيك والتابعة للأمانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة، شباكاً جديداً من الذهب والفضة لقبر السيدة زينب الصغرى (عليها السلام) عبر حملة تبرع قامت به مجموعة (يا فاطمة الزهراء) للدعم اللوجستي، كما تمّ إعادة بناء الضريح المطهّر وتهيئة الصحن الشريف لأداء الزيارات المباركة.

مهوى أفئدة العالمين

ولا تقتصر زيارة المرقد الشريف للسيدة زينب الصغرى (عليها السلام) على المسلمين فحسب، بل ويشارك المسيحيون أيضاً في زيارته والتبرّك بمكانتها الإلهية، حيث يتم فيه إحياء الطقوس الدينية خلال شهري المحرّم وصفر الأحزان، إضافة إلى أنه يشهد زيارات يومية وأداء الصلوات من قبل أهالي منطقة سنجار والمناطق المحيطة بها، كما درجت الناس على زيارتها في يوم التاسع من المحرم، إذ يمتلئ هذا المكان بالزوار ويزيد عددهم على ألفي زائر، فيما تكون الزيارة الخاصة بها يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع، حيث يحتشد الناس لزيارة قبرها والتبرّك به.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى