نشرت صحيفة “دايلي تايمز” الباكستانية مقالاً للباحثة الأمريكية “آنا جيفارت” حول التجربة الإنسانية التي عاشتها لدى سماعها بقصة فاجعة الطف الأليمة وما جرى فيها على آل بيت النبوة وخصوصاً السيدة زينب “عليها السلام”.
وقالت “جيفارت” في مستهل المقال “بصفتي أميركية غير مسلمة، كنت حاضرة في درس (عالم الإسلام) في الجامعة الأمريكية بواشنطن، ومستعدة للتعرف على التاريخ الإسلامي عندما قدّم الأستاذ (أكبر أحمد) محاضرةً عن قصة حدث مؤثر في التاريخ الإسلامي، ألا وهو مأساة كربلاء، حيث كان من أبرز الأسماء البطولية التي خرجت منها هي (زينب بنت علي) والتي غيّرت قصتها القوية وجهة نظري وحياتي إلى الأبد”.
وأضافت الباحثةـ أن “قصة زينب معروفة في العالم الإسلامي، إلا أن المصادر التي عرفت القصة شخصياً من خلالها، هو مقال مؤثر للدكتورة (أمينة هوتي) بعنوان (العالمة زينب لبوة كربلاء) والذي نشر مؤخراً”، مشيرةً الى أن “ما جرى على حفيدة الرسول محمد، وابنة فاطمة بنت محمد وعلي بن طالب وشقيقة الحسن والحسين (صلوات الله عليهم)، هو وضع عائلتها بالكامل في موضع الخطر، حيث كان الخليفة الأموي يزيد مصمماً على مطاردة وقتل ذرية النبي في عام 680 م، ليقدم بعدها بالاستعانة بجيشه العملاق على محاربة قوة صغيرة من الرجال بقيادة الحسين بن علي الذي انطلق بلا خوف لتحدي طغيان وظلم يزيد، إلا أن ما جرى بعدها في كربلاء، هو قطع كل إمدادات المياه عن آل النبي من قبل جيش يزيد، قبل أن يهاجمهم ويقتلهم بقسوة بالغة، وليقوم بعدها بأخذ ما تبقّى منهم كأسرى وسبايا بعد نهب معسكرهم وإحراقه بالكامل”.
وتتابع كاتبة المقال في سرد ما جرى من معاملة وحشية بحق السيدة زينب “عليها السلام” وما تبقى من نساء وأطفال أهل البيت، والتباهي بهم أمام العامة في المدن والبلدات التي كانت على الطريق من كربلاء الى عاصمة بني أمية في مدينة دمشق، حتى إقتيادهم إلى يزيد، الذي تفاخر بقوته وهزيمته المزعومة لآل بيت النبي، لتقف حينها زينب، التي كانت مثقلة بمصاب المذبحة الوحشية لأهلها وأنصارهم، أمام الطاغية الذي أمر بقتلهم، حتى مع تعمّده التقليل من إحترام شقيقها الحسين “عليه السلام” عبر بالسخرية من رأسه المقطوع عند قدميه في مشهد لا يمكن تصوره، إلا أنها وعلى الرغم من كل ما مرّت به، فقد أظهرت شجاعةً وقوةً عظيمتيّن، حيث رفعت رأسها عالياً وتحدثت ضد يزيد، ونددت بمعاملته السيئة للحسين وللركب الذي كان برفقتها من الأسرى، ولتشجبه بقوة أمام الله وأمام رعاياه في خطبتها المعروفة”.
وتابعت “جيفارت”، أن “هذه امرأة من القرن السابع تتحدث بشجاعة وبلاغة كبيريّن ضد رجل طاغية متسلط، وبالرغم أن هذا وحده كان كافياً لإلهامي، إلا أن قصة زينب لم تنته هنا، فبعد توبيخها المؤثر والقوي ليزيد، أجبرته على إطلاق سراح السجناء خوفاً من تمرد محتمل قد يثيره الخطاب المذهل الذي ألقته أمامه”، مشيرةً الى أن “السيدة زينب عادت بعدها إلى المدينة المنورة لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من النضال في إنشاء مراكز تعليمية خاصة للنساء، ولتكرس حياتها لتعزيز تعليمهن، وبين عشية وضحاها، كانت قد خلقت جيلاً كاملاً من الإناث اللاتي يدرسن القانون والعلوم الدينية والنشاط الاجتماعي، الى درجة أن العالم لم يكن نفسه منذ ذلك الحين”.
وأكّدت الباحثة العالمية إن “قصة زينب ملهمة بلا شك، فهذه المرأة العظيمة تحدّت ظالمها في أضعف مرحلة بحياتها، ثم واصلت قصتها البطولية أصلاً لتنشر العلوم بين الفتيات، ولهذا فإنها تعد مصدر فخر وإلهام كبير في جميع أنحاء العالم الإسلامي وهي تكريم للمُثُل النسوية في جميع أنحاء العالم”، متسائلةً في سياق المقال عن السبب وراء عدم سماعها بها من قبل!!
وإختتمت “آنا جيفارت” مقالها بالقول، “لقد تعلمت سابقاً عن نساء من العالم الغربي خلال فترة وجودي في المدرسة، مثل (جان دارك) و(سوزان ب. أنتوني) و(مارجريت سانجر) وغيرهن، إلا إنني وجدت في زينب بنت علي، إمرأة جسدت المثل الخاصة بحقوق المرأة طوال القرن السابع، في حين لم أرها أبداً معروفةً كشخصية نسوية رئيسية، وهو ما أثار صدمتي وغضبي، والتساؤل عن السبب في عدم نقل قصتها الى العالم الغربي كبطلة نسوية حقيقية تصدّت للدفاع عن العدالة وتعزيز نظام تعليمي راسخ، ولهذا فقد بدأت تواً رحلتي المتعمقة للتعرف على الإسلام الحقيقي منذ حضوري لهذا الدرس”.