عجوز تقطع مئة كيلومتر في عربة أطفال للوصول إلى الإمام الحسين عليه السلام
جسدها نحيل جداً، وعمرها تجاوز العقد السابع، تجلس القرفصاء في عربة اطفال بعد اصابتها بآلام المفاصل وعجزها عن السير الى مسافات طويلة ويدفعها شاب وهي بين السائرين، الى قبلة الاحرار ابي عبد الله الحسين عليه السلام، تقطع مسافة مئة كيلومتر من بغداد حيث تسكن الى مدينة كربلاء المقدسة، وتصرّ على المشاركة في الزيارة الاربعينية مشياً ولو في عربة، لأنها تعلمت منذ صغرها ان نصرة الإمام الحسين واخته العقيلة زينب عليهما السلام، واجب على كل مؤمن ومؤمنة.
عجوز ضعيفة
منذ سبع سنوات والعجوز “جسمة حيدر” المكناة بـ “أم عباس” تمشي على قدميها مع الزائرين، تحيي شعائر زيارة الاربعين مشياً على الاقدام من منطقة المعامل في بغداد الى كربلاء المقدسة، ولكن منذ العام 2017 اصيبت بآلام المفاصل وعجزت عن السير على قدميها، الا انها لم تعجز عن ايجاد وسيلة اخرى تعينها على السير الى كربلاء التضحية فلجأت الى فكرة استخدام عربة الاطفال في المسير، تخرج مع بناتها وابنائها وابناء اختها وبعض الاقارب سوية، فيسيرون يومان ويبيتون في منطقة الاسكندرية يوما وفي مرقد عون عليه السلام يوماً ثانياً، ويدخلون الى كربلاء في اليوم الثالث، تصرّ هذه العجوز التي تهالكت قواها من تعب السنين وتصلبت عزيمتها وايمانها بقضية الحسين عليه السلام بالثبات على مبدأه على اصطحاب ابنائها واحفادها، وهي حسب قولها “ما يضيع شي عند الحسين”، وتشدد “ام عباس” ان جسدها في الايام العادية يعاني من الآلام والتعب وتناول الدواء وتوصيات الاطباء بالراحة وعدم حمل الاثقال، ولكن وبطريقتها الجنوبية المحببة تقول “من قربت الزيارة اهيس روحي بيهه كل الحيل، والحمد لله انا الآن أسير مع الزائرين وهي نعمة اسأل الله ان يسجلها لي في سجل الزائرين لإستقبال ركب السبايا والإمام زين العابدين والعقيلة زينب (سلام الله عليهم)”، وتؤكد إن “عجزها على السير يستحضر امامها حالة السبايا وما عانته زينب والسبايا من ضيم وحيف وظلم في مسيرتها”.
ربيبها وناقلها
يدفع “أياد جبار” إبن اختها ومن تربى على يدها بعد وفاة أمه قبل عقود من الزمن العربة المخصصة للأطفال التي تحمل خالته، ويقول “بدأنا بالسير الى كربلاء المقدسة منذ العام 2003، عوائل متعددة من الاقرباء يصل عددنا الى خمسة عشر فرداً من النساء والاطفال والرجال منهم اختي واطفالها وبنات خالتي واولاد خالي وخالتي (ام عباس) وهي تقود ركبنا ونمشي من بغداد كل عام الى كربلاء المقدسة، ونسير يوماً بحدود (35) كيلومتراً ونبيت في بيوت الناس او المواكب في منطقة الاسكندرية، ثم نواصل المسيرة في اليوم الثاني لنفس المسافة تقريباً ونبيت ليلتنا في منطقة عون، لندخل بعدها في اليوم الثالث حيث تتبقى مسافة اثنى عشر كيلومتراً الى مدينة كربلاء المقدسة”، يشرح حالة خالته “ام عباس” بأنه يصاحبها كل عام الى المسير في زيارة الاربعين وهي صاحبة الفضل عليه في تعلقّه بالقضية الحسينية لأن والدته توفت وهو صغير وهي من تكفلت بتربيته، وكانت في حقبة النظام الدكتاتوري المباد تصطحبه معها لزيارة مراقد الأئمة الاطهار في مدن النجف الاشرف وكربلاء وسامراء والكاظمية المقدسة، وبعد سبع سنوات من السير والمشاركة في الزيارة الاربعينية، اصيبت خالته قبل ثلاث سنوات بمرض آلام المفاصل واصبح السير الى مسافات محددة، فضلاً عن أن السير لمسافات طويلة ممنوع عليها، وهي تعاني من الآم مبرحة كونها كبيرة في السن وجسدها نحيف ولا تقوى على السير، فأصرّت على المشاركة في المسير الى كربلاء المقدسة، مضيفاً “وبعد ان تناقشنا بالموضوع وحاولت جهد امكاني ان اثنيها عن رأيها والتحول الى الزيارة عبر السفر بالسيارات وانا معها اترك المسير، رفضت ذلك رفضاً قاطعاً وطلبت مني ان أوفر لها عربة للمقعدين او للأطفال، ولأن سعر عربة المقعدين غالية الثمن (120 الف دينار عراقي تقريباً) وكذلك عربة الاطفال (90 الف دينار عراقي)، فقد إستعنا بعربة اطفال بنت خالي وتم تجربتها في البيت فقالت هي مريحة واستطيع السير بها، ونتناوب انا وحفيدها على دفعها الى كربلاء المقدسة، وهي صبورة بشكل لا يوصف فتقطع المئة كيلومتراً بعزيمة واصرار كبيرين.”