حزن مركّب أصاب أصحابها… مواكب القطيف تبكي زوارها
هو من كربلاء وهم من القطيف، ما ان بدأ الحديث حتى سالت دموعه وانتحب وهو يقول يومياً نتواصل عبر الهاتف ونبكي أنا وأبو أحمد من القطيف، وكأني فقدت أحد أبنائي والألم يعتصرني، فالموكب يبكي زواره، والمنبر فقد المعزين، أين صوت الرواديد، أين البذل والعطاء، لا استطيع الدخول الى الموكب لأن الحزن عندي مركّب، حزن على مصيبة الحسين “عليه السلام”، وحزن على فقد الأحبة أهالي القطيف، فأنا تجمعني بهم علاقات عميقة متجذرة منذ أكثر من أربعين عاماً، حيث كان آبائنا أصدقاء، ولكن تأسيس الموكب كان بعد سقوط النظام المباد عام 2003 لأنه لم يكن يُسمَح بذلك سابقاً، وكان يقتصر على توزيع الطعام بسيارتي الخاصة على الزائرين لمدة يومين فقط بعد إعدادها في بيتنا، وكان الأخوة من السعودية يمكثون في بيوتنا ويشاركون معنا في هذه الاعمال.
بداية التأسيس
يقول “أبو علي الكربلائي”، “في الأعوام التي تلته زاد التوزيع بشكل اكبر حيث اصبح التوزيع بسيارة حمولة طن واحد، وكان الطعام يشمل الاكل والفاكهة والماء، ثم بعد حصول الزيارات المليونية، اصبح التوزيع بسيارات حمل كبيرة (لوريات)، وكانت تحمل اطناناً من الطعام والشراب، وكان الاخوة من القطيف يبذلون وينفقون بتصاعد ملحوظ جداً، ثم ظهرت الحاجة الى إيجاد مقر لنصب موكب وخدمة الزائرين بموقع ثابت بدل طريق الموكب المتحرك، وجرت عملية بحث مضنية لأن مدينة كربلاء لم يتبقى منها متر واحد لم يستغل، وبعد أربع سنوات ضاقت الامور علينا جداً، واهالي القطيف تملكهم اليأس بعد ان هيئوا كل الامور اللوجستية، فذهب صاحب الموكب (عبد الجليل الماحوزي) الى زيارة الامام الكاظم عليه السلام مهموماً مكظوماً وعيناه تبكي على حرمانهم من الخدمة، يطلب العون من الإمام عليه السلام، وما ان عاد الى كربلاء حتى انفرجت الأمور، وحصلنا على قطعة ارض عن طريق شخص التقيناه بالصدفة، ونصبت خيمة في قطعة ارض في شارع صاحب الزمان في عام 2006، وقدمت خدمات كبيرة جداً على مدار اليوم لمدة 10 ايام، وبعد ثلاث سنوات بيعت الارض وعدنا الى الحيرة مرة اخرى، وبعد البحث حصلنا على هذا المكان، وتم بناء الموكب بطريقة المساطحة عام 2016، ويشمل مطبخين ومخزنين وقاعات عزاء وحمامات، ثم بني الطابق الثاني بنفس التفاصيل للنساء، وملاك الخدمة واهل الموكب بحدود (25) شخصاً، اما الزوار فأعدادهم بالآلاف ويبقون لمدة شهر واكثر من يوم عرفات الى ما بعد الزيارة الاربعينية، يستقبل الموكب خلالها مئات الآلاف من الزائرين من مختلف الجنسيات”.
حزن اهالي القطيف
“عبد الجليل الماحوز” المكنى بـ “ابو احمد” من القطيف، صاحب الموكب، نقل لنا المه وحزنه وحزن جميع محبي اهل البيت في القطيف عبر اتصال هاتفي مع وكالات أنباء محلية، بالقول “نحن هوانا كربلائي وقد عشقنا الحسين عليه السلام منذ طفولتنا فلم نفارق الشعائر سواء في السعودية او العراق، ولدينا علاقات طيبة مع العراقيين، وهذا العام أجسادنا في القطيف وارواحنا ترفرف عند ابي عبد الله الحسين عليه السلام، والحزن تملكنا ونحن مستعدين لتقديم اي شيء مقابل الوصول الى كربلاء المقدسة، وكلنا نعاتب أنفسنا هل أخطأنا؟ هل هذا ابتلاء ام عقوبة؟، وفي محرم الحرام هذا العام كل مجالسنا ونعينا لا تتعدى حرماننا من الزيارة وشوقنا لرؤية قبة الحسين واخيه ابي الفضل العباس عليهما السلام، ومجالسنا تعج بالبكاء والنحيب، فضلاً عن عائلاتنا التي بكت دماً وهي ترى زيارة العاشر من المحرم والملايين تؤديها، وهو ما شجّعنا على الحضور بكثافة في الحسينيات والمجالس الحسينية في القطيف مع إتخاذ الاحترازات الصحية الوقائية لان الحسين عبرة وعبرة، وإعتاد الموظفين عندنا على تخصيص اجازاتهم وجمع اموالهم للمشاركة في الزيارة الاربعينية، ولكن هذا العام هم في حيرة من أمرهم لا يعرفون ماذا يفعلون”.
وانتحب وهاجت هواجسه وهو يقول “نحن والخدام دموعنا لا تجف وأصبحنا أشبه بالأم الفاقدة لولدها، وكل ما نشاهد مقطع فيديو عن المشاية هذا العام، تنهمل الدموع ونصرخ بحرقة من دواخلنا بشكل لا يوصف وهي تزداد مع قرب ايام الاربعينية”، مؤكداً إن “أهالي القطيف حزنهم حزنين، حزناً على الم عودة السبايا في أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام)، وحزناً على حرمانهم من الخدمة الحسينية”.