
تحضيرات لتسلّم منصب عمدة نيويورك… هل ينجح زهران ممداني في توحيد المجتمع المسلم؟
تتجه الأنظار في مدينة نيويورك إلى الأول من كانون الثاني/يناير المقبل، موعد تسلّم زهران ممداني مهامه رسمياً عمدةً للمدينة، في حدث وُصف بأنه تاريخي، إذ يُعد أول مسلم شيعي يصل إلى هذا المنصب الرفيع، في خطوة تجاوزت بُعدها السياسي لتفتح نقاشاً واسعاً حول الهوية والتمثيل ووحدة المجتمع المسلم في واحدة من أكثر مدن العالم تنوعاً.
ولم يُنظر إلى فوز ممداني على أنه مجرد انتصار انتخابي، بل اعتبره كثيرون رمزاً لتحوّل أعمق داخل المجتمع المسلم، ولا سيما بين المسلمين الشيعة الذين طالما شعروا بالتهميش، حتى داخل الإطار الإسلامي الأوسع. ويقول أبناء هذا المجتمع إن انتخابه أعاد تشكيل النقاشات المتعلقة بالإيمان والانتماء والمشاركة العامة.
فائزة الجعفري، وهي من سكان حي أستوريا في كوينز، عبّرت عن مشاعرها قائلة إن لحظة إعلان النتائج كانت استثنائية، موضحة أنها لم تشعر بمثل هذا الفخر من قبل، ليس فقط لأن ممداني أول عمدة مسلم للمدينة، بل لأنه أول مسلم شيعي يتولى هذا المنصب، في وقت نادراً ما يصل فيه أبناء هذه الفئة إلى مواقع قيادية عليا.
ويرى متابعون أن ممداني أصبح رمزاً للشيعة في نيويورك، الذين يعتبرون أنفسهم “أقلية ضمن الأقلية”، فيما يؤكد كثيرون أن فوزه ساهم في تقريب وجهات النظر داخل المجتمع المسلم. وقالت ميرا رضا إن أصدقاءها من المسلمين السنة لم يبدوا أي تحفظ على خلفيته المذهبية، بل عبّروا عن فخرهم به كمسلم يمثلهم جميعاً.
وخلال حملته الانتخابية، لم يتجنب ممداني هويته الدينية، إذ شارك في فعاليات دينية شيعية، من بينها إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) في كوينز، مؤكداً أن القيم التي استلهمها من أجداده، وفي مقدمتها العدالة والكرامة ومواجهة الظلم، هي التي شكّلت رؤيته السياسية والإنسانية بعيداً عن أي انقسامات طائفية.
وقال ممداني في إحدى تصريحاته إن أجداده لم يعلّموه فقط معنى أن يكون شيعياً أو مسلماً، بل استخدموا تلك الدروس لغرس قيم الإنسانية الصالحة فيه، مؤكداً أن مواجهة الظلم والسعي لبناء عالم أكثر عدلاً للجميع كانت من أهم ما تعلّمه منذ صغره.
من جهته، رأى علي ناصر، وهو مسلم سني يقيم في نيويورك منذ أكثر من عقد، أن رسالة ممداني تتجاوز الانتماءات الدينية والعرقية، وتشجع على وحدة سكان المدينة، معتبراً أن خطابه يعكس روح نيويورك الجامعة.
وفي المركز الإسلامي بجامعة نيويورك، امتدت أصداء الفوز إلى أوساط المصلين والطلاب، حيث أكد الشيخ فياض جعفر، المدير التنفيذي للمركز، أنه لمس شعوراً مشتركاً بالفخر بين المسلمين السنة والشيعة على حد سواء، مشدداً على أن هذه اللحظة تذكّر الجميع بأن الطموحات المشتركة أكبر من الخلافات.
كما وصف خالد لطيف، إمام سني سابق في المركز، فوز ممداني بأنه “استعادة للأمل” لسكان نيويورك من مختلف الخلفيات، فيما عبّرت جينيا آزاد، مؤسسة صفحة MuslimFoodies، عن اعتزازها بالمدينة، مؤكدة أن انتخاب ممداني جاء نتيجة لقيمه ومواقفه الداعمة للناس، بغض النظر عن خلفيته الدينية.
وخلال حملته، واجه ممداني هجمات واتهامات ذات طابع إسلاموفوبي من بعض منافسيه، شملت مزاعم بدعم التطرف، إلا أنه رد عليها بهدوء، واصفاً إياها بأنها عنصرية وبلا أساس، ومركزاً في المقابل على قضايا معيشية مثل السكن الميسر والمساواة والعدالة الاجتماعية.
وأكد ممداني أن تمثيل الجاليات المسلمة في نيويورك ليس مهمة سهلة، مشيراً إلى أن مسيرته السياسية بدأت عام 2015 من خلال انضمامه إلى النادي الديمقراطي الإسلامي في نيويورك، بهدف تعزيز المشاركة المدنية للمسلمين. وقال إن من أكثر اللحظات تأثيراً بالنسبة له، رؤية سكان المدينة يشعرون بأنهم ممثلون في السياسة المحلية ويشاركون فيها بفاعلية.
ويأمل ممداني، مع اقتراب توليه منصبه، في قيادة مدينة يستطيع فيها كل نيويوركي أن يعيش هويته كاملة دون خوف أو إقصاء، مؤكداً أن حلمه يتمثل في نيويورك يشعر فيها الجميع بالانتماء والاستحقاق، مهما اختلفت خلفياتهم الدينية أو الثقافية.




