آسیاأخبارباكستان

وادي نيلوم في كشمير الباكستانية.. جمال أسطوري تحاصره نيران الهند وتهميش التنمية

وسط الطبيعة الساحرة التي تميز وادي نيلوم حيث ينهمر نهره المتعرج بين التلال الخضراء وتتعانق الشلالات مع الغابات الكثيفة، يعيش السكان في صراع يومي بين روعة الجغرافيا وقسوة الجيوسياسة، حيث حولت النزاعات المتكررة مع الهند هذا المكان، الذي يصفه الأهالي بـ”قطعة من الجنة”، إلى منطقة مهمشة وموصومة بالخطر الدائم.
يمتد وادي نيلوم بمحاذاة خط السيطرة الذي يفصل بين شطري كشمير الهندية والباكستانية، وهو ما جعله ساحة دائمة للتوترات والمواجهات بين الجارتين النوويتين. وخلف الهدوء الظاهري، يكابد السكان ظروفاً معيشية صعبة، يفاقمها غياب البنى التحتية، وتكرار القصف الذي يطال منازلهم ومدارسهم ومحالهم التجارية.
ويقول سكان محليون إن حياتهم في المنطقة لا تتوقف عند تحديات الطبيعة القاسية فحسب، بل تمتد إلى قلق دائم من هجمات مفاجئة من الجانب الهندي، وحرمان مستمر من الخدمات الأساسية. ويضيف أحدهم: “حين تمرض زوجتي أو أحد أطفالي، يستغرق الوصول إلى أقرب مركز صحي ساعات على طرق متشققة وضيقة قد تغلقها الانهيارات في أي لحظة”.


وتعاني المنطقة من تراجع كبير في الخدمات الصحية والتعليمية، فالمراكز الطبية قليلة وبإمكانيات محدودة، والمدارس تعاني من نقص في الكوادر والتجهيزات. ويشير معلم في إحدى المدارس إلى أن “الكتب غير متوفرة، والطلاب يتركون الدراسة باكرًا للعمل مع ذويهم في الزراعة أو الحرف اليدوية”.
وفي الوقت الذي يعتمد فيه سكان الوادي على الزراعة وتربية المواشي وحياكة الشالات الكشميرية كمصادر دخل، فإن التوتر الأمني المتصاعد ألقى بظلاله على النشاط الاقتصادي والسياحي، حيث تراجعت الحركة السياحية رغم الإمكانيات الطبيعية الهائلة التي يتمتع بها الوادي، بسبب المخاوف من المواجهات المتكررة.
خلال السنوات الأخيرة، شهدت كشمير الباكستانية اعتداءات متكررة من الجانب الهندي، أبرزها هجمات صاروخية في مايو/أيار 2025 استهدفت مناطق مدنية وأسفرت عن قتلى وجرحى، وقصف سابق لقرى حدودية في ساتوال عام 2023، وقصف مستمر بين عامي 2020 و2021 أدى إلى مقتل عشرات المدنيين.
ويرى الخبير السياسي الكشميري خالد محمود خان أن غياب التنمية في وادي نيلوم ليس مجرد إهمال إداري، بل نتيجة مباشرة لواقع المنطقة المهددة بالحرب في أي لحظة، قائلاً: “الهند حولت هذا الوادي إلى جبهة صراع، فتوقفت مشاريع التنمية، وفرضت العزلة على أهله”.


في ظل هذه الظروف، تتواصل معاناة السكان بصمت، بين جمال طبيعي لا يُضاهى، وواقع إنساني هشّ، تنتظره فرص ضائعة وسط حسابات الصراع المستمر بين الهند وباكستان، بينما تبقى كشمير – كما يردد أبناؤها – جنة مُنع عنها السلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى