
أظهرت بيانات رسمية صادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني (ONS) أن صافي الهجرة طويلة الأمد إلى المملكة المتحدة انخفض بشكل كبير خلال عام 2024، ليصل إلى 431 ألف شخص، مقارنة بنحو 745 ألفاً في عام 2023، ما يمثل تراجعاً بنسبة تقارب 50% في عام واحد.
وعزا المكتب هذا الانخفاض اللافت إلى تراجع أعداد الوافدين من خارج الاتحاد الأوروبي، لا سيما الحاصلين على تأشيرات عمل ودراسة، بالإضافة إلى مغادرة أعداد كبيرة من الطلاب الدوليين الذين وفدوا إلى البلاد أثناء جائحة كوفيد-19 وغادروها فور انتهاء دراستهم أو مع تخفيف قيود السفر.
وقالت الهيئة في بيانها: “البيانات تشير إلى أن انخفاض صافي الهجرة جاء نتيجة لتراجع التأشيرات الدراسية والعمالية، وزيادة أعداد المغادرين، خصوصاً من الطلبة الأجانب الذين أنهوا برامجهم التعليمية”.
يأتي هذا التراجع في وقت تتعرض فيه الحكومة البريطانية لضغوط متزايدة من الرأي العام لتقليص أعداد المهاجرين، بعدما تجاوزت صافي الهجرة السنوي حاجز 700 ألف في السنوات الأخيرة، وهو ما أثار انتقادات بشأن قدرة البلاد على ضبط حدودها بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
وزارة الداخلية رحّبت بهذه الأرقام، معتبرة إياها دليلاً على فعالية السياسات الأخيرة التي شددت شروط الحصول على تأشيرات العمل والدراسة، بما في ذلك فرض قيود على استقدام أفراد الأسرة من قبل الطلاب الأجانب.
وفي تطور لافت، كشف تقرير صدر في يناير 2025 أن المملكة المتحدة خسرت خلال عام 2024 نحو 10.800 مليونير، غادروا البلاد بسبب ما وصف بـ”تآكل البيئة الجاذبة للأثرياء”، نتيجة ارتفاع الضرائب، وتراجع دور لندن في الأسواق المالية العالمية، وتدهور أوضاع النظام الصحي. وكانت بريطانيا قد خسرت 4.200 مليونير في عام 2023، ليصل إجمالي من غادروها منذ عام 2017 إلى نحو 16.500 شخص من ذوي الثروات العالية.
ووفقاً لتقرير مشترك أعدته شركتا Henley & Partners وNew World Wealth، فإن لندن، التي كانت لعقود إحدى أبرز وجهات الأثرياء من أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، فقدت بريقها لصالح مدن مثل باريس ودبي وجنيف وسنغافورة وسيدني، بينما أصبحت ولايات فلوريدا، وبلدان مثل إسبانيا ومالطا والريفيرا الإيطالية، وجهات مفضلة للتقاعد والاستثمار.
ورغم التراجع الكبير في الهجرة عام 2024، تبقى مستويات صافي الهجرة في المملكة المتحدة أعلى من معدلات ما قبل جائحة كورونا، التي لم تتجاوز 300 ألف سنوياً، ما يثير تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على تحقيق توازن مستدام بين احتياجات سوق العمل والضغوط السياسية والاجتماعية بشأن الهجرة.