
في أعقاب الهجوم الدموي الذي أودى بحياة 26 شخصاً في بلدة باهالجام بإقليم جامو وكشمير، معظمهم من السياح الأبرياء، شهد مسجد “الجامع” التاريخي في قلب العاصمة الهندية نيودلهي، تجمعًا حاشدًا للمسلمين الذين عبّروا عن غضبهم وحزنهم، مؤكدين موقف الإسلام الرافض للعنف واستباحة الدماء.
وفي خطبة الجمعة التي ألقاها سيد أحمد بخاري، أحد أبرز الأصوات الدينية في الهند، دوّت آيات القرآن الكريم في جنبات المسجد، حيث استشهد بقوله تعالى: {من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً}، وتساءل مخاطبًا الضمير العام: “أيّ إسلامٍ تعلم هؤلاء الذين يقتلون الأبرياء؟ وأيّ رسولٍ اتبعوا؟”.
وأدان بخاري الهجوم بأشد العبارات، واصفًا ما جرى بأنه “هزة ضمير وطنية”، ومؤكدًا أن “من يقتل إنساناً على أساس دينه لا يمتّ لتعاليم الإسلام بصلة، بل هو مرتكب لجريمة تثير سخط السماء قبل الأرض”.
وشهدت محيطات المسجد تظاهرات سلمية رفعت فيها لافتات تندد بالإرهاب وتؤكد براءة الإسلام من كل أعمال القتل والعنف، فيما علت أصوات الصلوات والدعوات من المساجد في أنحاء دلهي، في مشهد جسّد وحدة الضمير الشعبي ورفضاً جماعياً لاستخدام الدين كذريعة للقتل.
وكشف بخاري في خطبته عن تفاصيل مروعة للهجوم، مشيرًا إلى أن المسلحين أقدموا على تجريد الضحايا من ملابسهم لتحديد دياناتهم، وعندما تبين لهم أنهم هندوس، أطلقوا النار عليهم بدم بارد، واصفًا الجريمة بـ”الوحشية التي تخالف كل شرائع السماء والأرض”.
وفي ختام كلمته، وجّه الإمام دعوة وطنية إلى جميع مكونات المجتمع الهندي قائلاً: “ليس هذا وقت التفرقة بين مسلم وهندوسي، بل وقت الوقوف صفاً واحداً دفاعاً عن كرامة الإنسان وشرف الأمة”، محذرًا من تصاعد موجات الكراهية الدينية التي تهدد النسيج الاجتماعي والتقاليد التعددية العريقة للهند.
ويأتي هذا الموقف من الجالية المسلمة ليعكس وعيًا متزايدًا بخطورة الانقسام الطائفي، ويؤكد التزام مسلمي الهند بمبادئ السلم والعيش المشترك، في وجه حملات التشويه والعنف التي تتنافى مع جوهر الدين وتعاليمه السمحة.