
أثار تعليق لافتة على واجهة أحد المساجد في مدينة لاغوس النيجيرية كُتب عليها: «يسوع ليس إلهًا! إنه نبي ورسول الله» جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، خصوصًا في موقع X (تويتر سابقًا)، حيث انقسمت التفاعلات بين من اعتبرها تعبيرًا مشروعًا عن معتقد إسلامي، ومن رأى فيها استفزازًا غير مبرّر للمجتمع المسيحي في بلد متعدد الأديان.
وانتشرت الصورة المثيرة للجدل بسرعة في أواخر كانون الأول/ديسمبر 2024، محدثة موجة من النقاشات المحتدمة حول حدود حرية التعبير الديني ومسؤولياتها، خاصة في سياق التعايش المشترك. فقد اعتبر كثير من المسيحيين أن العبارة “مهينة”، وتساءلوا عن رد الفعل المحتمل لو نُشرت عبارة مشابهة على واجهة كنيسة ضد العقائد الإسلامية، في حين أصرّ مدافعون مسلمون على أن اللافتة لا تتضمن سوى “الحقيقة القرآنية”، ورفض بعضهم أي دعوات للاعتذار، معتبرين ذلك تنازلاً عن المبادئ.
وبالرغم من إزالة اللافتة بعد أيام قليلة، إلا أن الإمام المسؤول عن المسجد صرّح لاحقًا بأن النية قائمة لإعادة تعليقها بصيغة جديدة، مؤكدًا أن الهدف منها “دعوي وتثقيفي”، ولا يحمل أي دلالة على العداء أو الاستفزاز.
الواقعة أعادت إلى الواجهة نقاشًا أعمق حول أسلوب الدعوة الإسلامية في المجتمعات المتعددة، إذ يرى علماء ودعاة أن التعبير عن العقيدة لا ينبغي أن يكون عبر شعارات صادمة، بل بالحكمة والموعظة الحسنة، وفق ما أرشد إليه القرآن الكريم في قوله: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل: 125).
ويشير البعض إلى سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم في دعوته للملوك والقادة المسيحيين آنذاك، مثل النجاشي وقيصر، حيث خاطبهم بالتي هي أحسن ودعاهم إلى التوحيد عبر خطاب جامع: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءِ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (آل عمران: 64)، وهو ما يبرز أن المنهج النبوي يقوم على التعريف لا التصادم، وعلى الإقناع لا الإهانة.
وفي ضوء هذا الجدل، يرى مراقبون أن الواقعة، رغم انقسام الرأي العام حولها، تكشف الحاجة إلى تعزيز الوعي بأساليب الخطاب الديني في الفضاء العام، بما يضمن حرية الاعتقاد مع احترام التعدد والتنوع، ويحول دون تأجيج التوترات الطائفية أو استغلالها لأغراض سياسية أو متطرفة.