أخبارأوروباالعالم

رفض قبور المسلمين في فاينفيلدن يثير تساؤلات حول مستقبل التعددية الدينية في سويسرا

في تطور أثار جدلًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والدينية، صوّت سكان مدينة فاينفيلدن في ولاية تورغاو السويسرية، الأحد، ضد مشروع إنشاء قبور مخصصة للمسلمين في المقبرة المحلية، وذلك بأغلبية بسيطة بلغت 51.6%، ما أعاد إلى الواجهة التساؤلات بشأن قدرة النموذج السويسري على احتواء التعدد الديني في البلاد.
النتيجة التي جاءت بـ2078 صوتًا رافضًا مقابل 1947 مؤيدًا، أطاحت بقرار سابق للبرلمان البلدي كان قد وافق على تخصيص 70 قبرًا تُراعى فيها التقاليد الإسلامية، مثل التوجه نحو القبلة وسرعة إجراءات الدفن. وبلغت نسبة المشاركة في الاستفتاء 53.9%، ما يعكس انقسامًا حادًا داخل المجتمع المحلي تجاه قضايا حرية المعتقد واحترام الشعائر.
وربط مراقبون بين هذا الرفض والحملة التي قادها حزب الشعب السويسري، المعروف بمواقفه المتشددة ضد المسلمين، مدعومًا من لجنة “إيجركينجن” التي سبق أن نظّمت حملات لحظر المآذن والنقاب في البلاد. وقد وزعت اللجنة منشورات تحث السكان على التصويت بـ”لا”، ما حوّل طلب المسلمين إلى دفن موتاهم بحسب معتقداتهم إلى ساحة مواجهة جديدة في الجدل الدائر حول الهوية والانتماء.
ورغم أن سويسرا تضم أكثر من ثلاثين موقع دفن خاصًا بالمسلمين ضمن مقابر عامة، إلا أن ما حدث في فاينفيلدن يُعد مؤشرًا مقلقًا على تراجع تقبّل الممارسات الدينية الإسلامية، حتى حين تكون مرتبطة بالموت وكرامة الإنسان بعد وفاته.
ويرى معنيون أن حرمان المسلمين من حقهم في الدفن وفقًا لشعائرهم لا يمس فقط حرية الدين، بل يتعارض مع المبادئ الإنسانية والدستورية التي طالما تباهت بها الدولة السويسرية، كمجتمع يحتضن التنوع ويصون كرامة الأفراد دون تمييز.
وأكد مختصون في قضايا الاندماج أن شعائر الدفن الإسلامي ليست مجرد طقوس رمزية، بل تمثل امتدادًا لاحترام كرامة الفرد في الحياة والممات. وأن التصدي لمثل هذه الحقوق باسم الخوف أو “الخصوصية الثقافية” ليس سوى تضييق غير مبرر على مساحة التعايش السلمي في بلد يُفترض أن يكون نموذجًا للتنوع والانفتاح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى