أخبارأوروبا

صراع بين الهوية والانتماء.. بلدة بريطانية تتكلم الأوردية وتغيب الإنجليزية

في شمال غرب إنكلترا، تقف بلدة “نيلسون” كشاهدٍ على التحولات الديموغرافية والثقافية في المملكة المتحدة، وسط جدل محتدم حول الهجرة والاندماج، تدفعه خطابات سياسية متشددة يقودها زعيم حزب العمال، السير كير ستارمر، تحت شعار “إصلاح نظام الهجرة المكسور”. لكن على أرض الواقع، القصة أكثر تعقيدًا من مجرد لغةٍ تُتَحدث أو لا تُتَحدث.
جاء هذا في تقرير خاص وحصري لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية الشهيرة والذي ترجمته وكالة “أخبار الشيعة”، حيث ذكر أنه من بين الشوارع الضيقة والمنازل الفيكتورية القديمة، يبيع المواطنون المسلمون المنحدرين من خلفيات باكستانية، الملابس الإسلامية التقليدية، ويديرون محلات البقالة، ويتبادلون أطراف الحديث بالبنجابية أو الأوردو. أما اللغة الإنكليزية، فليست أولوية لكثير منهم، ليس لأنها غير مهمة، بل لأنهم ببساطة يعيشون في مجتمع يحاكيهم بلغتهم، يفهمهم، ويتقاسم معهم الهمّ اليومي والهوية.
وبحسب التقرير فأن في هذه البلدة الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها نحو 33 ألف نسمة، يشير الإحصاء الرسمي إلى أن 38% من الأطفال فوق سن الثالثة لا يتحدثون الإنكليزية جيدًا أو على الإطلاق. وبينما تُقدَّم هذه النسبة من قبل المتعصبين كدليل على ما يسموه بـ “فشل الاندماج”، يغفل كثيرون عن حقيقة أن هؤلاء الأطفال يتقنون لغة أخرى: لغة أسرهم، وتراثهم، ودينهم.
وتساءل معدّ التقرير، الباحث والصحفي “فيفيك تشوداري” عن السبب وراء تُصوَّر تمسك المسلم بلغته الأصلية وكأنه تهديد؟ ولماذا لا يُنظر إلى التنوع اللغوي والثقافي بوصفه ثراءً؟ في وقتٍ تضم فيه هذه البلدة الصغيرة 19 مسجدًا، حيث لم يعد بإمكان الخطاب السياسي تجاهل التحولات الواقعية التي رسمت ملامح جديدة للمدينة.
وأوضح “تشوداري” أن الإسلام، الذي دعا إلى احترام لغات الشعوب وثقافاتهم، لا يرفض تعلم لغة البلد المضيف، لكنه يرفض في المقابل أن يُستخدم معيار اللغة كسلاح ناعم لعزل المجتمعات وتهميشها. فالتكامل لا يعني الذوبان، والانتماء لا يلغى باللكنة.
واختتم الكاتب تقريره بالتشديد على إنه في بلدة نيلسون، يشهد الجيل الثاني والثالث من أبناء المهاجرين انتقالًا تدريجيًا نحو الإنكليزية، من دون التفريط بهويتهم الأم. وفي الوقت الذي يتحدث فيه المسؤولون عن رفع شروط اللغة للمهاجرين الجدد، يغيب عنهم أن المشكلات الحقيقية تكمن في غياب فرص التعليم الجاد، والتهميش الاقتصادي، والسياسات التي تزرع الخوف بدل أن تبني الجسور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى