أخبارالعالم

الإسلام في عيون باحث غربي: حضارة عالمية نابضة لا تختزلها الدعاية ولا يطمسها التشدد

في خضم الجدل المتصاعد حول صورة الإسلام في العالم المعاصر، يقدّم المؤرخ الغربي البارز البروفيسور جون تولان قراءة مختلفة وجريئة، تُفنّد السرديات السائدة وتُعيد تسليط الضوء على الوجه الحضاري المتنوع للدين الإسلامي، بعيدًا عن التشويه الإعلامي وادعاءات المتطرفين.
في كتابه الجديد، يقدّم تولان عرضًا تاريخيًا وثقافيًا واسعًا لمسيرة الإسلام، منذ انطلاقه من مكة المكرمة وحتى انتشاره في بقاع العالم، راسمًا ملامح دينٍ حيّ، يتفاعل مع الشعوب والثقافات، ويحمل في جوهره رسالة شمولية تحتفي بالتعددية والانفتاح.
ويفنّد المؤلف، بالأدلة والنصوص التاريخية، الصورة النمطية التي يروّج لها الإعلام الغربي اليميني وبعض الخطابات الأصولية، والتي تُقدّم الإسلام كدين جامد لا يقبل التعدد أو التطور. ويؤكد أن هذا الطرح لا يصمد أمام حقيقة أن الإسلام، عبر قرونه الطويلة، احتضن تنوعًا مذهلًا من الأعراق واللغات والمدارس الفكرية، دون أن يفقد هويته.
ويصحب تولان القارئ في رحلة معرفية عبر العالم الإسلامي، من سهول آسيا الوسطى إلى جزر المالديف، ومن قلب أفريقيا إلى الأندلس، موثقًا كيف شكّل الإسلام رافعة حضارية في تلك المناطق، حيث تلاقحت العلوم والفنون والروحانيات ضمن إطار ديني جامع.
ومن أبرز فصول الكتاب ما خصّصه المؤلف للرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة، الذي مثّل نموذجًا للعالم المسلم المنفتح، القادر على الاندماج والتأثير أينما حلّ، بوصفه حاملًا للعلم والتقوى لا للتعصب والانغلاق.
ويولي تولان اهتمامًا خاصًا لدور النساء في التاريخ الإسلامي، مستعرضًا سيرة رابعة العدوية التي جسّدت مفهوم المحبة الإلهية الخالصة، وجعل من صورتها رمزًا لغلاف كتابه، في دلالة عميقة على الجانب الروحي والإنساني الرفيع في الإسلام.
ويؤكد المؤلف أن ما يحتاجه العالم اليوم هو الاقتراب من الإسلام كما هو، لا كما يُقدّمه الإعلام أو يُحرّفه المتشددون، مشددًا على أن السبيل الوحيد لمواجهة التشويه هو المعرفة الصحيحة المدعومة بالبحث الموضوعي والشواهد التاريخية.
الكتاب، الذي يحظى باهتمام أكاديمي واسع، يأتي في لحظة فارقة تتطلب إعادة بناء الجسور بين الثقافات، واستعادة صورة الإسلام كدين حضارة وإنسانية، لا كأداة استقطاب أو صراع، كما يراد لها أن تُصوَّر في زمن الارتباك العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى