
نشرت مجلة السبط العلمية المحكمة دراسة أكاديمية متخصصة بعنوان “المسايرة لدى زوّار زيارة أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام)”، تناولت فيها سلوكًا نفسيًا واجتماعيًا شائعًا يظهر بوضوح في الفضاءات الجماعية الكبرى، مثل مسيرة الأربعين، ويُعرف بسلوك “المسايرة”.
تُعرّف الدراسة “المسايرة” بأنها ميل الفرد إلى التكيف مع سلوك الجماعة أو آرائها، إمّا بدافع الرغبة في الانتماء والقبول الاجتماعي، أو تجنبًا للرفض والعزلة. وركّز الباحث على هذا النمط السلوكي من خلال تحليل عيّنة من زوّار الأربعين، واستند إلى أدوات قياس نفسية واجتماعية لرصد مظاهر التفاعل الجمعي في أجواء تعبّدية مكثفة.
وأشارت الدراسة إلى أن “المسايرة” تظهر في تبنّي بعض الزائرين لسلوكيات دينية أو شعائرية لا يمارسونها في حياتهم اليومية، مثل المشاركة في مواكب الخدمة أو اللطم أو السير حفاة لمسافات طويلة، تحت تأثير الجو العام المحيط بهم. ولفتت إلى أن هذا التكيّف الجماعي غالبًا ما يكون إيجابيًا، إذ يعزز من مشاعر الانتماء الديني والوحدة الجمعية، ويخلق نوعًا من التماهي الوجداني مع أهداف الزيارة وقيمها.
إلا أن الدراسة لم تُغفل الجانب الآخر من الظاهرة، مشيرة إلى أنّ المسايرة قد تدفع البعض إلى طمس اختلافاتهم أو suppress قناعاتهم الشخصية مؤقتًا من أجل الاندماج، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى نوع من التوتر الداخلي أو فقدان الأصالة الفردية إذا لم يُدار بوعي.
وأكدت المجلة أن هذه الدراسة تُعدّ من البحوث النوعية النادرة التي تربط بين علم النفس الاجتماعي والممارسات الدينية في واحدة من أكبر التجمعات البشرية في العالم، مشيرة إلى أهمية توسيع هذه الأبحاث لفهم سلوك الإنسان في البيئات الدينية الحاشدة، والبحث في مدى تأثير تلك السلوكيات على المدى البعيد في التكوين القيمي والوجداني للأفراد.