أخبارأفريقياالعالم

مجازر صامتة في نيجيريا.. جماعة الفولاني تواصل استهداف المسيحيين وسط صمت دولي مريب

شهدت نيجيريا مطلع الأسبوع الجاري واحدة من أبشع موجات العنف الطائفي في تاريخها الحديث، بعد أن ارتكبت جماعة الفولاني المسلحة، المرتبطة بتنظيم القاعدة، مجزرة مروعة في أربع قرى بمنطقة بينو-بلاتو، راح ضحيتها 23 مسيحياً، بينهم أطفال ونساء ومسنون، وفقاً لما أكدته اللجنة الدولية للصليب الأحمر وتقارير إعلامية محلية.
وتأتي هذه الجريمة ضمن سلسلة هجمات دموية تصاعدت بشكل لافت خلال موسم عيد الفصح، حيث بلغ عدد الضحايا المسيحيين منذ مطلع الشهر الجاري أكثر من 113 قتيلاً، بينهم 40 شخصاً قضوا في هجوم واسع خلال أحد الشعانين، حسبما أفادت صحف نيجيرية مثل “ذا ليون” و”كريستيان ديلي”.
ووصف شهود عيان من منطقة بلاتو مشاهد القتل بأنها “كارثة بشرية صامتة”، حيث داهم المهاجمون القرى في ساعات الليل، وارتكبوا عمليات ذبح وقتل عشوائي طالت العزّل داخل منازلهم. وذكرت شهادات محلية أن الضحايا لم يُستهدفوا عشوائياً، بل اختيروا على خلفيات دينية، وهو ما يعيد فتح النقاش حول طبيعة هذا العنف المتكرر في البلاد.
القس دانجوما بيانغ، من ولاية بلاتو، صرّح بأن “ما يحدث ليس خلافاً على الأرض كما يُروّج، بل هو هجوم ممنهج يستهدف أكثر من 200 مجتمع مسيحي بهدف فرض نمط ديني متطرف تحت مسمى الخلافة”. وأضاف أن الميليشيا لم تهاجم أي مواقع غير مسيحية، بما فيها مناجم الصينيين المنتشرة في المنطقة، مما يُظهر بوضوح طبيعة التمييز في الاستهداف.
من جهته، قال الناجي ديفيد أوكبي في رسالة مؤثرة نُشرت في “كريستيان ديلي إنترناشيونال”: “أتساءل: كيف يسمح البشر لأنفسهم أن يسحقوا إخوانهم بهذا القدر من القسوة؟”، مضيفاً أن غياب رد الفعل الدولي يشكل طعنة إضافية في جراح الناجين والمجتمعات المستهدفة.
ورغم وعود الحكومة النيجيرية بتعزيز الإجراءات الأمنية، أبدت منظمات حقوقية مسيحية كـ”الاهتمام المسيحي الدولي” و”مساعدة برنابا” قلقها من غياب المحاسبة واستمرار الإفلات من العقاب. كما حذّرت من أن جماعات الفولاني باتت تسيطر على أكثر من 80 بلدة وقرية، في ظل ما وصفته بـ”إبادة جماعية منسية تُنفذ تحت أنظار العالم”.
وتعكس هذه المجازر واقعاً معقداً يتجاوز الخلافات المحلية، ويكشف عن تصاعد التهديدات التي تواجه الأقليات الدينية في نيجيريا، وسط عجز أو تجاهل دولي لا يزال يثير تساؤلات عديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى