
تصاعدت حالة الغضب في الأوساط الأكاديمية والحقوقية في أفغانستان، عقب قيام حركة طالبـ،ـان بفصل مئات من أساتذة الجامعات، غالبيتهم من النساء، في مختلف أنحاء البلاد، دون تقديم أي مبرر رسمي أو توضيح علني لهذا القرار، الذي اعتُبر حلقة جديدة في سلسلة إجراءات ممنهجة لإقصاء النساء من الحياة العامة والتعليمية.
وبحسب شهادات عدد من الأستاذات لوسائل إعلام محلية، فإن القرار شمل إنهاء عقود عدد كبير من الأكاديميين في جامعات كابل وبدخشان وهلمند وباكتيا والشيخ زايد، حيث بلغت نسبة النساء المفصولات من جامعة كابل وحدها ما بين 60 إلى 70 أستاذة، يحملن درجات علمية عالية كالماجستير والدكتوراه. وقالت إحدى الأستاذات لصحيفة “هشت صبح” إن عدد المفصولين من جامعة كابل بلغ 264 أستاذاً وموظفاً، وإنه تم إبلاغهم شفهياً بقرار الفصل بعد تسليم الجامعة خطابات رسمية من وزارة التعليم العالي.
وفي جامعة بدخشان، تم إلغاء 36 وظيفة، جميعها لأستاذات وموظفات، بحسب ما أكدته إحدى الأكاديميات المفصولات، التي عبّرت عن صدمتها من القرار قائلة: “درّست نحو 8 سنوات وأسهمت في تقدم المعرفة، لكن يبدو أن الأمر يتجاوز تقليص عدد العاملين، إنه إقصاء دائم للنساء من المؤسسات التعليمية”.
أما في جامعة هلمند، فتم فصل 40 أستاذاً، وفي جامعة باكتيا شمل القرار 90 أستاذاً وموظفاً، بينهم 18 طبيباً من المستشفى التعليمي، فيما فصلت جامعة الشيخ زايد 120 أستاذاً وموظفاً، وسط تعتيم رسمي عن المعايير المعتمدة في قرارات الفصل.
تقرير استقصائي لصحيفة “هشت صبح” كشف أن وزارة التعليم العالي التابعة لطالبـ،ـان ألغت نحو 14% من وظائف العاملين لديها خلال الأشهر الماضية، وأوضحت أن معظم الوظائف الملغاة كانت تشغلها نساء. وأشار التقرير إلى أنه تم منع النساء من التدريس بشكل جماعي ودائم منذ سيطرة طالبـ،ـان على السلطة، في حين جرى استبدال عدد من الأكاديميين المفصولين بأشخاص من خلفيات دينية محددة، كما حدث في جامعتَي باروان والبيروني.
ورغم استمرار طالبـ،ـان في تقييد التعليم العام والجامعي، إلا أن أرقاماً رسمية أفادت بتأسيس 269 مدرسة فقط منذ تولي الحركة السلطة، مقابل نحو 23 ألف مدرسة دينية منتشرة في عموم البلاد، ما يثير تساؤلات حول توجه النظام التعليمي الجديد في ظل تهميش الكوادر النسائية وإغلاق الأبواب أمام الفتيات والنساء.
ويأتي هذا القرار في سياق سياسة طويلة الأمد تتبعها طالبـ،ـان لتقليص دور المرأة في الحياة العامة، منذ حظرها التعليم الثانوي والجامعي للفتيات، ومنع النساء من العمل في معظم المؤسسات، وسط تحذيرات أممية متكررة من كارثة إنسانية وتعليمية تتهدد أجيالاً من الأفغانيات.