أخبارأفغانستان

عشرون عامًا على الحرب الغربية في أفغانستان: جرائم حرب بلا محاسبة والعدالة لا تزال غائبة

رغم مرور أكثر من عقدين على اندلاع الحرب التي خاضتها الدول الغربية في أفغانستان، لا تزال جرائم الحرب التي ارتُكبت خلالها دون محاسبة حقيقية، وسط مطالب متزايدة من منظمات حقوق الإنسان والأهالي بفتح تحقيقات عادلة وتقديم المسؤولين إلى القضاء، سواء أمام المحاكم الوطنية أو الدولية.
وتتواصل الاتهامات ضد جنود من دول غربية، بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، بتنفيذ انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، بينها القتل خارج إطار القانون، والتعذيب، وتدمير الممتلكات، إلا أن معظم هذه القضايا لم تُعرض بعد على القضاء الدولي، فيما لم يحصل الضحايا على أي شكل من أشكال الإنصاف.
وقد شكّلت شهادات أدلى بها قدامى مقاتلين بريطانيين، مؤخراً، نقطة تحول في هذا الملف، إذ كشف بعضهم عن ارتكاب زملائهم في القوات الخاصة البريطانية عمليات قتل غير قانونية بحق مدنيين أفغان، وهو ما دفع إلى تجديد المطالب بالتحقيق والمحاسبة. وفي حين فُتح تحقيق داخلي محدود في بريطانيا، لم تُسفر الإجراءات حتى الآن عن محاكمات علنية أو إدانات رسمية.
من جهتها، اعترفت أستراليا رسميًا بضلوع قواتها الخاصة في ارتكاب جرائم حرب في أفغانستان، وقدّم رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأسترالية اعتذارًا رسميًا للشعب الأفغاني. كما أعلنت وزارة الدفاع الأسترالية، مؤخرًا، عن خطة لدفع تعويضات مادية ومعنوية لضحايا تلك الانتهاكات، تشمل مبالغ مالية، ورسائل اعتذار، ومشاريع بناء، استنادًا إلى ما ورد في “تقرير التحقيق بشأن أفغانستان” الصادر عن المفتش العام للقوات الدفاعية الأسترالية.
ووفق هذا التقرير، الذي صدر عام 2019، فإن القوات الأسترالية الخاصة قتلت 39 شخصًا بصورة غير قانونية، معظمهم من المدنيين، بينهم أطفال، في عمليات لم تقع أثناء القتال، مما أثار غضبًا واسعًا داخل أستراليا وخارجها. لكن الحكومة الأسترالية أعلنت أن خطة التعويضات لن تُتبع بأي إجراءات جنائية.
أما الولايات المتحدة، فلم تعترف حتى الآن بأي من الاتهامات الموجهة إلى جنودها في أفغانستان، كما لم تُفتح أي تحقيقات رسمية داخلية بشأن تلك الجرائم.
وفي سياق متصل، تتعرض المحكمة الجنائية الدولية لانتقادات حادة بسبب تقاعسها عن النظر في هذه الاتهامات، رغم أن ولايتها القضائية تغطي أفغانستان منذ عام 2003. وقد دعت منظمات حقوقية دولية، مثل العفو الدولية، إضافة إلى منظمات أفغانية، المحكمة مرارًا إلى التحقيق في جرائم الحرب المرتكبة على يد قوات الناتو، إلا أن المحكمة لم تباشر أي تحقيق بهذا الشأن حتى الآن.
ورغم هذا الجمود، تواصل المحكمة حاليًا تحقيقًا في جريمة ضد الإنسانية مرتبطة بالعنف القائم على الجنس في أفغانستان، وقد طلب المدعي العام إصدار مذكرة توقيف بحق قادة من طالبان، ما أثار تساؤلات حول الانتقائية في ملاحقة الجرائم، في ظل غياب أي تحرك جاد تجاه الانتهاكات المرتكبة من قبل قوات أجنبية.
في ظل كل هذا، تبقى العدالة بعيدة المنال بالنسبة لآلاف الضحايا الذين دفعوا ثمن الحروب، وسط غياب المساءلة، والتأخر في الاعتراف، واستمرار الإفلات من العقاب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى