
في تطور مقلق يعيد إلى الأذهان أخطاء الاستعمار القديم، تشير تقارير دولية إلى أن روسيا، عبر سياستها الأمنية الصارمة في داغستان، تسهم بشكل غير مباشر في تصعيد التمرد الإسلاموي المتطرف في المنطقة.
وفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة “جيمستاون” الدولية للدراسات والبحوث، تعاني منطقة شمال القوقاز من مشكلات متشابكة تشمل الفقر، والفساد، والتمييز، والتهميش، إلا أن رد فعل موسكو المتمثل في تصنيف كل احتجاج شعبي أو مظاهرة ضد التجنيد الإجباري على أنها “إسلاموية”، أدى إلى قمع دموي باستخدام العنف، مما زاد من تعميق الأزمة.
وأوضح معدّ التقرير بول غوبل، الخبير في القضايا العرقية والدينية في أوراسيا، أن داغستان تحولت إلى “برميل بارود” يعجّ بالمشكلات التي تتجاوز الصراعات الدينية لتشمل نزاعات حول الخدمات الأساسية والتعليم والقضايا العرقية، إضافة إلى احتجاجات ضد المشاركة في الحرب بأوكرانيا.
وحذر غوبل من أن الأجهزة الأمنية الروسية، المكرسة لإظهار الولاء عبر تقارير مزيفة وقمع واسع، ساهمت في تعزيز التطرف بدلاً من احتوائه، ما أدى إلى انهيار ثقة المجتمع بالدولة.
وأكد الخبير الروسي رينات موخاميتوف أن داغستان ليست مجرد منطقة ساخنة، بل “حقل ألغام متعدد المستويات” من المشاكل المركبة والمعقدة التي تتداخل في ما بينها.
في ظل تصاعد العنف المسلح وعمليات الاستهداف المتبادلة بين الميليشيات المحلية، يبقى الجاني الحقيقي غامضًا، إذ لا يمكن حسم ما إذا كانت الفاعلين جماعات إسلاموية متطرفة أو عصابات إجرامية أو حتى فصائل داخل النظام نفسه. في المقابل، تستمر موسكو في تبني رواية تقصر المشكلة على “الإسلاميين” فقط، مما يزيد من تأزيم الوضع ويغذي دائرة العنف.
وعلى نحو ساخر، يؤكد المعهد الدولي أن موسكو تصر على أن “داغستان آمنة للسياحة”، في حين يعيش سكانها في خوف دائم من الطلقة التالية التي قد تسقط في أي لحظة.