
في الولايات المتحدة، حيث تتهاوى أركان النسيج المجتمعي تحت ضغط الحداثة والشك، يجد الإسلام موطئ قدمٍ راسخ لا على هامش المشهد، بل في صلبه، على منابر كنائس أغلقت أبوابها، لتُفتح من جديد بآيات القرآن ومآذن الصلاة.
في تسجيل تداولته منصات التواصل مؤخراً، تحدث الشيخ “محمد مصري”، رئيس مجلس إدارة الجمعية الإسلامية في وسط فلوريدا، عن واقع ديني أميركي يُعيد رسم خرائطه، بالقول “اشترينا ثلاث كنائس وحولناها إلى مساجد، ونحن الآن بصدد شراء رابعة مع مدرسة، مضيفاً أن هذا البلد يشهد تغيراً، وأحفادنا سيصلون في مساجد كانت بالأمس كنائس”.
وأشارت وسائل إعلام محلية، إلى أن ما يحدث ليس مجرد انتقال ملكية بين طائفتين، فالمسلمون لا يرون في هذه المشتريات صفقة عقارية عابرة، بل رمزًا حيًا لانتصار التوحيد على التعدد، فكما تحولت الكعبة من معبد وثني إلى قبلة الموحّدين، وكما رُفعت مآذن الإسلام في كنيسة آيا صوفيا، ها هو الإسلام اليوم، بالدعوة لا بالسيف، يحوّل كنائس أميركا المهجورة إلى منارات نور.
في الوقت ذاته، اجتاحت مواقع التواصل، نقاشات مطوّلة، لكن المفارقة أن اللائمة لم يصب الهدف الصحيح وفقاً لمراقبين، حيث أكّد القسيس الكاثوليكي رونالد فيرلينغ، الذي شهد بيع كنيسة “القديسة آن” في نيويورك للجالية الإسلامية، إنه “لا يجب لوم المسلمين… بل اللوم على التغيرات الديموغرافية، وعلى واقع لا يمكننا تمويله أو صيانته”.
وأوضح المراقبون أنه إن كان ثمة من يحق له الفخر فهم المسلمون، الذين يسلكون طرقاً قانونية، شفافة، وسلمية لتوسيع وجودهم. فهم لا يحتلون ولا ينهبون، بل يشترون بمال حلال، ويحفظون الروح في أماكن هجرتها الصلوات. أما اللوم، فيجب أن يتوجه، كما يقول التقرير، إلى النخب الغربية والسياسات المنفتحة بلا هوية، والعلمانية التي هجّرت الروح من المعبد.
يذكر أنه في شهر أيار من العام الماضي، أصدر عمدة نيويورك قرارًا يقضي بعدم الحاجة إلى تصاريح لرفع الأذان عبر مكبرات الصوت. مما يؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك حول نور الإسلام الذي بدأ بملأ الفراغ الروحي في أرض العم سام.