
وجّهت منظمة العفو الدولية انتقادات جديدة إلى منصة تيك توك، متهمةً إياها بالتقاعس عن معالجة المخاطر المستمرة التي تهدد الصحة النفسية للمستخدمين الشباب، رغم مرور نحو عام ونصف على نشر تقريرها لعام 2023 الذي سلّط الضوء على الأثر السلبي لخوارزميات المنصة.
وأعربت المنظمة عن قلقها إزاء استمرار تعرض المراهقين لمحتوى ضار خلال وقت قصير من استخدام المنصة، مشيرة إلى أن تغييرات تيك توك بقيت محدودة ولم تُعالج جوهر المشكلة. ولفتت إلى أن تصميم المنصة لا يزال يعتمد على آليات “تُسبب الإدمان”، إلى جانب ممارسات لجمع البيانات وصفتها بـ”التطفلية”.
وقالت منظمة العفو إن تحقيقاً أجرته باستخدام حسابات تحاكي أطفالاً بعمر 13 عاماً أظهر أن أكثر من نصف الفيديوهات التي تظهر بعد الاهتمام بمواضيع الصحة النفسية كانت تتعلق بالمعاناة العاطفية، وبعضها يروّج للاكتئاب والانتحار. وأوضحت أن هذه النتائج تثير مخاوف جدّية حول آلية عمل الخوارزميات، التي تقود المستخدمين نحو ما يعرف بـ”الحفر العميقة” للمحتوى السلبي.
وفي سياق الاستعداد لأسبوع التوعية بالصحة النفسية لعام 2025، طلبت المنظمة من تيك توك توضيحات بشأن الإجراءات التي اتُّخذت لتحسين الوضع. وأشارت إلى أن رد المنصة اقتصر على إبراز أدوات كانت موجودة بالفعل وقت إجراء البحث الأصلي، دون تقديم أدلة على تغييرات ملموسة.
كما استند تقرير العفو إلى تقييم المخاطر الذي أجراه تيك توك بموجب قانون الخدمات الرقمية في الاتحاد الأوروبي، والذي أقرّ بإمكانية تسبب محتوى يتعلق بصورة الجسد أو الحميات الغذائية الشديدة في أضرار نفسية للمراهقين. غير أن المنظمة اعتبرت أن تيك توك لم يُتمّ بعد “تقييم تأثير حقوق الطفل”، وهو التزام دولي في مجال حقوق الإنسان تُطالب به الشركات الرقمية.
وانتقدت المنظمة أيضاً تصميم تيك توك الذي وصفته بـ”الإدماني”، مؤكدة أن الاعتماد على الرقابة الذاتية من قبل المستخدمين أو أولياء الأمور غير كافٍ. وشبّهت بعض خصائص المنصة بآليات الكازينو، لما تسببه من انخراط مفرط ومُقلق.
وفي جانب الخصوصية، أبدت العفو الدولية قلقها من تتبّع سلوك المستخدمين بهدف التنبؤ بحالاتهم العاطفية واهتماماتهم، وهي ممارسات تُعرض أحياناً على أنها اختيارية، لكنها في الواقع مدمجة بعمق في بنية المنصة.
وفي ظل توجه بعض الدول نحو سنّ تشريعات لمساءلة المنصات الرقمية عن حماية حقوق المستخدمين، دعت منظمة العفو تيك توك إلى اتخاذ خطوات استباقية وجادة لتعزيز الحماية بدلاً من الاكتفاء بردّ الفعل أمام الضغوط القانونية.
وختمت المنظمة تقريرها بالتأكيد على الحاجة الملحة لمزيد من الشفافية والمسؤولية في تصميم المنصات وآليات مراقبة المحتوى، لحماية فئة المستخدمين الأكثر هشاشة في الفضاء الرقمي.