
يحيي العراقيون، غدا الجمعة، السادس عشر من أيار/مايو، “اليوم الوطني للمقابر الجماعية”، الذي أقرّه مجلس الوزراء عام 2007 تخليداً لذكرى آلاف الضحايا الذين سقطوا في جرائم الإبادة الجماعية التي شهدها العراق خلال العقود الماضية، لا سيّما في ظل النظام البعثي السابق.

وتعود أولى عمليات الكشف عن هذه المقابر إلى عام 2003، حين عُثر على أول مقبرة جماعية في منطقة المحاويل بمحافظة بابل، لتبدأ منذ ذلك الحين رحلة شاقة من التنقيب والتوثيق والتعرف على الضحايا.
وفي تصريح رسمي، قال مدير دائرة المقابر الجماعية في مؤسسة الشهداء، ضرغام ال محمود الحسيني، إن عدد المقابر الجماعية التي تم فتحها حتى الآن بلغ 314 مقبرة، بينها 160 مقبرة تعود لضحايا النظام السابق، و154 أخرى لضحايا الإرهاب، خصوصاً من ضحايا تنظيم داعش، وأغلبهم من أبناء المكوّن الشيعي والإيزيدي.
وأشار الحسيني إلى أن هناك 81 موقعاً لم تُفتح حتى الآن، وقد تحتوي على أكثر من مقبرة جماعية في الموقع الواحد، كما هو الحال في موقع “تل الشيخية” ببادية السماوة، الذي يضم عشر مقابر، تم فتح ثلاث منها فقط حتى الآن.

وأكد الحسيني أن عمليات التنقيب لا تزال تواجه تحديات كبيرة، في مقدمتها قلة الكوادر الفنية المتخصصة، وضعف التخصيصات المالية، ما يدفع الدائرة للاعتماد على دعم المنظمات الدولية، وخاصة بموجب المادة (17) من قانون المقابر الجماعية.
وأوضح الحسيني أن العمل يجري بالتعاون مع دائرة الطب العدلي ومنظمة ICMP الدولية لتوثيق جميع المقتنيات التي تُعثر عليها داخل المقابر، مثل الملابس والمجوهرات والوثائق الشخصية، مؤكداً أنها تُعد “ثروة وطنية” تُستخدم في الإجراءات القضائية، وتُعرض أجزاء منها في المتاحف والمواقع التذكارية التي تعرّضت للإبادة.
وعن آلية التعامل مع المقتنيات، بيّن الحسيني أن مقتنيات ضحايا النظام السابق تُستخدم في عمليات تحديد الهوية، وقد تم تسليم مقتنيات ضحايا حملة الأنفال إلى إقليم كردستان، بينما تُحفظ مقتنيات ضحايا ما بعد 2003 في دائرة التوثيق، ولا تُسلّم إلى ذوي الضحايا إلا بعد إثبات الهوية من خلال فحوصات الحمض النووي.
وأشار إلى أن القانون المعتمد حالياً هو القانون رقم 5 لسنة 2006 المعدّل بالقانون رقم 13 لسنة 2015، ويُعد قانوناً إدارياً متكاملاً، في حين تُناقش حالياً مسودة تعديل فنية لهذا القانون في مجلس النواب.
واختتم الحسيني تصريحه بالتأكيد على أن أعمال البحث والتنقيب مستمرة وتعتمد بالأساس على بلاغات الجهات الأمنية وشهادات المواطنين، ما يعني أن اكتشاف المزيد من المقابر الجماعية يظل احتمالاً قائماً، في إطار الجهود المتواصلة للكشف عن الجرائم التي ارتُكبت بحق آلاف الأبرياء، والتي لا تسقط بالتقادم.