
قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن فصائل من “الجيش الوطني السوري”، المدعومة من تركيا، تواصل احتجاز المدنيين في شمال سوريا وتعذيبهم وابتزازهم، رغم بدء دمج بعض قادتها في صفوف القوات المسلحة التابعة للحكومة السورية الانتقالية، وتعيينهم في مناصب أمنية وعسكرية رفيعة.
وأكدت المنظمة في بيان صدر اليوم، الثلاثاء 14 مايو/أيار، أن انتهاكات هذه الفصائل، التي كان يفترض أن تنتهي بسقوط حكومة الأسد، ما تزال قائمة دون محاسبة، محذّرة من أن دمج عناصر مسؤولين عن جرائم سابقة يهدد ثقة السكان بالحكومة الانتقالية ويقوّض أي إصلاحات مرتقبة.
وذكر البيان أن بين القادة المتورطين في انتهاكات سابقة والذين يشغلون حاليًا مواقع مؤثرة في الجيش السوري الجديد، محمد الجاسم (أبو عمشة) وسيف بولاد (سيف أبو بكر) وفهيم عيسى وأحمد الحايس (أبو حاتم شقرا). وأوضح أن هذه الشخصيات تولت مناصب في وزارة الدفاع والقيادة العسكرية بمناطق الشمال السوري، رغم ارتكابها انتهاكات موثّقة في عفرين وغيرها.
ووفقًا للمنظمة، فإن العديد من سكان الشهباء وعفرين والنيربية تعرّضوا لاعتقالات تعسفية وتعذيب وابتزاز مالي على يد هذه الفصائل. ووصفت شهادات ضحايا عمليات الاحتجاز والإخفاء والانتهاكات الجسدية والابتزاز، بما في ذلك اعتقال مدنيين من منازلهم دون أوامر قضائية، وتعذيبهم، ثم مطالبة أسرهم بفدية مالية لإطلاق سراحهم، بأنها “كابوس لا ينتهي”.
وأشار التقرير إلى استمرار عمل هذه الفصائل انطلاقًا من قواعدها السابقة، رغم إعلان الحكومة الانتقالية في فبراير/شباط الماضي عن اتفاق لتسلم السيطرة الأمنية. كما وثقت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” 41 حالة اعتقال تعسفي على يد هذه الفصائل والشرطة العسكرية التابعة لها خلال شهري يناير وفبراير.
ودعت هيومن رايتس ووتش الحكومة السورية الانتقالية إلى اتخاذ خطوات عاجلة لتوحيد الجيش تحت قيادة خاضعة للمساءلة، وإخضاعه لرقابة مدنية، مع إطلاق سراح جميع المعتقلين تعسفيًا، وفتح تحقيقات مستقلة في الانتهاكات السابقة، ومنع تكرارها.
كما طالبت تركيا بوقف دعمها للفصائل المتورطة في الانتهاكات وتعليق دعمها اللوجستي والعسكري والمالي لقادتها، مؤكدة أن أنقرة تتحمل مسؤولية قانونية عن جرائم الحرب المحتملة التي ترتكبها هذه الفصائل تحت إشرافها.
وحثت المنظمة الدول الداعمة لسوريا على تقديم مساعدات تقنية ومالية لبناء مؤسسات أمنية خاضعة للقانون، وضمان احترام حقوق الإنسان، بما في ذلك تأسيس نظام قضائي مستقل لضمان المحاكمة العادلة واحتجاز الأفراد بشكل قانوني.
وقال آدم كوغل، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “إذا استمرت الحكومة الانتقالية في تجاهل سجل هذه الفصائل وقادتها، فإن الشعب السوري لن يتمكن من الوثوق بقواته الأمنية، وسيبقى عرضة لمزيد من الانتهاكات”.