
أطلق معتقلون سياسيون في سجن الوادي الجديد نداء استغاثة جديداً، كشفوا فيه عن سلسلة من الانتهاكات الجسيمة التي يتعرضون لها داخل السجن، الذي وصفوه بـ”المقبرة”، في إشارة إلى ظروفه القاسية والمعاملة اللاإنسانية التي تحوّلت إلى نمط يومي للحياة خلف أسواره.
وفي رسالة مسربة تابعتها “وكالة أخبار الشيعة”، تحدث المعتقلون عن إذلال ممنهج وحرمان من أبسط حقوق الإنسان، مؤكدين أن السجن الواقع في عمق الصحراء يُدار بعقلية “انتقامية”، ويخضع لنظام عزلة صارم يقيّد التواصل مع العالم الخارجي وحتى بين النزلاء أنفسهم.
وتُظهر الشهادات أن السجن يتألف من 12 عنبراً يحتوي كل منها على 19 زنزانة، ويُدار من قبل ضباط قال المعتقلون إنهم يمارسون التعذيب والإهانات اللفظية والجسدية بشكل ممنهج. ومن أبرز أشكال الانتهاكات التي تم توثيقها ما يعرف داخلياً بـ”التشريفة”، وهي فترة استقبال قاسية يتعرض فيها المعتقل لضروب من التعذيب البدني والنفسي لمدة تصل إلى عشرة أيام متواصلة، بهدف كسر إرادته منذ لحظة دخوله السجن.
الرسالة كشفت أيضاً عن حالات وفاة بين النزلاء، نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي، في ظل غياب تام للرقابة القضائية والحقوقية على السجن، الذي تصفه منظمات حقوقية بأنه “أداة للعقاب الجماعي” تستهدف السجناء السياسيين بشكل خاص.
وسبق لمنظمات محلية ودولية، بينها “هيومن رايتس ووتش”، أن وثقت الانتهاكات المستمرة داخل السجون المصرية، معتبرة إياها مواقع لـ”التعذيب الممنهج”، فيما قالت الأمم المتحدة إن بعض هذه الممارسات قد ترقى إلى “جرائم ضد الإنسانية”.
وفي آب/أغسطس 2024، وثّقت “الشبكة المصرية لحقوق الإنسان” حملة تعذيب جماعي داخل عنبر “الدواعي الأمنية” في السجن ذاته، أسفرت عن إصابات بليغة بين المعتقلين، ونقل عدد منهم إلى الزنازين الانفرادية عقب محاولات انتحار.
وحمل المعتقلون في رسالتهم إدارة السجن المسؤولية الكاملة عن الانتهاكات، موجهين الاتهام إلى المأمور سليمان حيدر، ورئيس المباحث حسام الدسوقي، وضباط الأمن الوطني المسؤولين عن الملف الأمني داخل السجن.
ويُعد سجن الوادي الجديد أحد أكثر أماكن الاحتجاز عزلة في مصر، إذ يتميز بدرجات حرارة مرتفعة وظروف مناخية قاسية، إلى جانب صعوبة الوصول إليه من قبل الأهالي أو المحامين، ما يضاعف من عزلة المعتقلين ويحول دون محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات المتكررة.





