
احتضن مسجد “ناصر” المركزي في حي “بروهام تيراس” بمدينة هارتلبول البريطانية، يوم السبت 3 أيار الجاري، فعالية “اليوم المفتوح” التي لم تكن مجرد زيارة اعتيادية إلى دار عبادة، بل محاولة جادة لرأب الصدع الذي خلّفته واحدة من أكثر ليالي المدينة ظلمة، عندما كان المسجد نفسه هدفًا لموجة شغب عنصري قبل أقل من عام.
وبحسب ما أوردته الصحف المحلية، تعرّض المسجد في 31 تموز 2024 لاعتداء ضمن سلسلة من الاضطرابات التي اجتاحت عدة مدن بريطانية، على خلفية جرائم طعن وقعت في ساوثبورت، رافقتها حملات تحريض إعلامي ضد المهاجرين، ما فجّر موجة غضب شعبي استهدفت رموز المجتمعات المسلمة.
ورغم التهديدات، تدخلت الشرطة حينها بسرعة، وأغلقت الشوارع المؤدية للمسجد، مما حال دون وقوع كارثة كانت تلوح في الأفق. إلا أن آثار الخوف وسوء الفهم بقيت حاضرة، وهو ما دفع القائمين على المسجد لتنظيم “اليوم المفتوح” كدعوة إلى الحوار، وفرصة لكسر الصور النمطية، وإعادة بناء الثقة.
ويُعد مسجد “ناصر” أكثر من مجرد مكان للعبادة، إذ برز خلال السنوات الماضية كمحور للعمل الخيري في المدينة. فمنذ تفشي جائحة كورونا، قدّم المسجد أكثر من 30 ألف وجبة مجانية للفئات المحتاجة، في وقت عانت فيه المدينة من تراجع كبير في الدعم الحكومي وارتفاع مستويات الفقر.
ومع تحذيرات من أن “هارتلبول” قد تصبح قريبًا ثاني أكثر مدينة تضررًا من تقليصات الضمان الاجتماعي في المملكة المتحدة، تكتسب مبادرات المسجد طابعًا أكثر إلحاحًا وأهمية في دعم نسيج المجتمع المحلي.
ويرى مراقبون أن فعالية السبت لم تكن مجرد حدث مجتمعي، بل شهادة حيّة على قدرة المجتمعات على تجاوز جراح الماضي، وأن المساجد يمكن أن تكون منارات للأمل، ومراكز للتضامن الإنساني، في مواجهة خطاب الكراهية والتفرقة.