
في وقت ما تزال فيه ميانمار تلملم جراحها من الزلزال العنيف الذي ضرب البلاد مؤخرًا، كشفت صحيفة “أستراليان مسلم تايمز” عن معاناة مزدوجة يعيشها المسلمون هناك، حيث يواجهون تبعات الكارثة الطبيعية وسط استمرار مظاهر التمييز الديني والتهميش الاجتماعي.
وذكرت الصحيفة في تقرير ميداني ترجمته وكالة “أخبار الشيعة”، أن البلاد شهدت أكثر من 400 هزة ارتدادية أعقبت الزلزال الرئيسي، كان أعنفها بقوة 5.1 درجات، في حين تسببت الأمطار الغزيرة والرياح القوية في انهيار المزيد من المباني وطمس ما تبقى من ملامح الأحياء المتضررة.
ووفق الحصيلة الكارثية التي أوردها التقرير، فقد بلغ عدد الضحايا نحو 3600 قتيل و5000 جريح، مع فقدان أكثر من 200 شخص، وانهيار 50 ألف منزل و2000 مبنى حكومي، فيما دُمّر أكثر من 140 مسجدًا، وقُتل 673 مصلٍّ أثناء استعدادهم لأداء صلاة الجمعة، في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك.
رغم هذا الدمار، أصرّ المسلمون على إقامة صلاة عيد الفطر بعد أيام قليلة من الكارثة، حيث أدّوها في الشوارع وتحت أغطية بلاستيكية وسط الركام، لتتحول المناسبة الدينية إلى مشهد حداد جماعي غابت عنه مظاهر الفرح.
وفي وقت اضطر فيه آلاف المواطنين للنزوح إلى مناطق أكثر أمانًا مثل باين ولوين، اصطدمت العائلات المسلمة بحواجز من نوع آخر، تمثلت في رفض بعض أصحاب العقارات تأجير منازلهم للمسلمين بسبب انتمائهم الديني، ما أظهر استمرار الممارسات التمييزية حتى في ظل الكوارث.
كما حذّرت منظمات الإغاثة من أن آلاف الأطفال في المناطق المتضررة باتوا يعانون من اضطرابات نفسية حادة، إذ أصبح أي صوت مرتفع أو حركة مفاجئة تثير فيهم الذعر، خشية تكرار الزلزال، في ظل غياب شبه تام لخدمات الدعم النفسي.
ويُذكر أن ميانمار تعيش منذ أكثر من ثلاث سنوات حالة من الحرب الأهلية والانهيار الاقتصادي، حيث تشير التقديرات إلى أن 17.2 مليون نسمة تأثروا بشكل مباشر بالكارثة، بينما تبقى معاناة المسلمين هناك محاطة بالصمت، رغم أنهم يعيشون على هامش وطن مزقته المآسي وتجاهلت جراحه المؤسسات الرسمية.