
أنقرة – في خطوة وصفت بالتاريخية، أعلن حزب العمال الكردستاني (PKK) رسمياً حلّ نفسه وإنهاء الصراع المسلح المستمر منذ نحو أربعة عقود، في تطور مفاجئ قد يُحدث تحولاً كبيراً في المشهد الأمني والسياسي داخل تركيا وعلى امتداد المنطقة.
وجاء في بيان صدر عن قيادة الحزب بعد اجتماعات عقدتها من 5 إلى 7 أيار/مايو الجاري، أن الحزب “يعلن رسمياً حلّ نفسه والتخلي الكامل عن العمل المسلح”، مؤكداً أن المرحلة المقبلة ستُركّز على دعم المسار السياسي وتطوير الديمقراطية الكردية عبر الأطر الحزبية السلمية.
ودعا البيان إلى “تعزيز الأخوّة الكردية-التركية” وتجاوز إرث النزاع، في ما اعتُبر رسالة تهدئة إلى الداخل التركي وإلى دول الجوار التي تأثرت لعقود من تداعيات النزاع المسلح، لاسيما العراق وسوريا.
ويُعد حزب العمال الكردستاني، الذي تأسس في أواخر السبعينات، أحد أبرز الفاعلين غير الحكوميين في النزاع المسلح ضد الدولة التركية، وأُدرج على قوائم “الإرهاب” في تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وقد أدى الصراع إلى مقتل أكثر من 40 ألف شخص، معظمهم من الأكراد، وأدى إلى زعزعة الاستقرار في مناطق واسعة جنوب شرقي تركيا.
ويُتوقع أن يُحدث قرار الحزب بإنهاء التمرد المسلح تحولاً جذرياً في الوضع الأمني داخل تركيا، وقد ينعكس إيجاباً على الأمن الإقليمي، خصوصاً في شمال العراق حيث كان الحزب يتخذ من جبال قنديل معقلاً رئيساً له، وفي شمال شرقي سوريا حيث تتشابك علاقاته مع مجموعات كردية مسلحة أخرى.
من جانبه، كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد صرّح قبل أيام أن “كل العقبات قد أزيلت وأن حزب العمال الكردستاني في طريقه للحل الكامل”، في ما بدا تمهيداً لهذه الخطوة التي طال انتظارها من جانب أنقرة.
ويرى مراقبون أن هذا القرار، إذا طُبّق فعلياً، قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من المصالحة الداخلية، ويخفّف من حدة التوتر المزمن الذي لطالما ألقت ظلاله على العلاقات التركية-الكردية، فضلاً عن إمكانية استثمار هذا التطور لخفض التوتر في مناطق ساخنة مثل شمال العراق، وتقليص هامش التحرك لجماعات مسلحة أخرى كانت تستفيد من حالة الفوضى الأمنية المرتبطة بالحزب.
غير أن التحدي الأكبر يبقى في تنفيذ هذا القرار عملياً على الأرض، وضمان تفكيك البنية العسكرية للحزب بالكامل، مع مراقبة ردود الفعل لدى الفصائل المسلحة المتحالفة معه في الخارج، واحتمال بروز مجموعات منشقة ترفض هذا المسار.