
باشرت السلطات المحلية في محافظة نينوى، الأحد، أولى الإجراءات العملية لفتح مقبرة “الخسفة” الجماعية الواقعة جنوب مدينة الموصل، والتي تُعدّ من أكبر المقابر الجماعية في العراق والعالم، بعد سنوات من المطالبات والانتظار.
وتقع حفرة الخسفة على بُعد نحو 20 كيلومتراً جنوب الموصل، وتحوّلت خلال سيطرة تنظيم د1عش على المدينة بين عامي 2014 و2017 إلى موقع لإعدام ودفن الآلاف من الضحايا، معظمهم من المدنيين وعناصر القوات الأمنية، وفقاً لتقارير حقوقية، أبرزها تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” الصادر عام 2017، والذي قدّر عدد الضحايا الذين أعدمهم التنظيم في هذه المقبرة بنحو 25 ألف شخص.
وقال محافظ نينوى عبد القادر الدخيل، في تصريح، إن المحافظة باشرت بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية والجهات المعنية، وبدعم من محكمة استئناف نينوى، بإجراءات رفع الألغام والمخلفات الحربية من محيط الحفرة، وتشكيل لجنة علمية وفنية برئاسة جامعة الموصل لإعداد الدراسات اللازمة لفتح المقبرة.
وأكد الدخيل أن الحفرة تتمتع بطبيعة جيولوجية معقدة، بعمق يتجاوز 150 متراً وقطر فوهة يزيد عن 40 متراً، إضافة إلى وجود امتدادات أفقية وعمودية وانبعاثات غازية سامة، ما يجعل عمليات الفتح محفوفة بالمخاطر وتستلزم تجهيزات خاصة ودعماً دولياً. وأشار إلى أن المعلومات تشير إلى احتواء المقبرة على نحو 20 ألف جثة، معظمها لأبناء الموصل، إلى جانب ضحايا من جنوب العراق ومن المكوّن الإيزيدي.
ومن جانبه، اعتبر الخبير الجيولوجي مروان عبد الله أن فتح مقبرة الخسفة يتطلب معدات متخصصة وخبرة عالية في التعامل مع الظروف البيئية المعقدة، خاصة في ظل احتمالية وجود المياه في عمق الحفرة وتحلل الجثث منذ سنوات.
على الصعيد القانوني، أكد المحامي علي الحيالي أن آلاف المعاملات الخاصة بالمفقودين من نينوى لا تزال معلّقة، لعدم وجود جثث يُستند إليها في إصدار شهادات الوفاة التي يشترطها القانون العراقي لمنح ذوي الضحايا حقوقهم القانونية والمالية، ومنها صفة الشهيد.
ورحّبت المنظمة المتحدة لحقوق الإنسان بالإجراءات الحكومية، واصفة إياها بالخطوة الإنسانية المهمة. وقال رئيس المنظمة سامي الفيصل إن المنظمة وثّقت وجود أكثر من 8200 مفقود من نينوى، يُعتقد أن الآلاف منهم مدفونون في حفرة الخسفة، مشيراً إلى أن د1عش أعلن في يوم واحد عام 2015 عن إعدام 2070 شخصاً من أهالي نينوى يُرجّح أنهم من ضحايا هذه المقبرة.
ويُنتظر أن تسهم عمليات فتح المقبرة، التي ستُخصص لها ميزانية من محافظة نينوى، في التعرّف على هوية الضحايا، وإنصاف آلاف العائلات التي لا تزال تنتظر خبراً عن مصير أبنائها منذ سنوات.