
تتزايد حوادث الاعتداء على سيدات محجبات في الشوارع الألمانية، خاصة في العاصمة برلين، وسط تحذيرات من تأثير الصورة النمطية السلبية التي تروجها وسائل الإعلام عن المرأة المسلمة. وتشير شهادات متكررة ودراسات حديثة إلى أن هذه الاعتداءات تنطوي على دوافع عنصرية وإسلاموفوبية، ما يثير القلق بشأن السلامة العامة والتعددية الثقافية في البلاد.
ففي نهاية أبريل الماضي، تعرضت سيدة محجبة لاعتداء عنيف في شارع Sonnenallee في برلين، حيث أقدم رجل مخمور على نزع حجابها دون سبب واضح. تدخل رجل وابنه للدفاع عنها، فقام المعتدي بضرب الأب بزجاجة، قبل أن يتدخل ضابط شرطة كان خارج الخدمة ويتمكن من توقيف الجاني رغم تعرضه للضرب من قبل مجموعة تجمعت في المكان. وتم إطلاق سراح المعتدي لاحقاً بعد خضوعه لاختبار للكحول.
هذا الاعتداء لم يكن معزولاً، فقد شهدت برلين وهامبورغ وغيرها من المدن الألمانية سلسلة من الحوادث المشابهة. ففي مارس الماضي، تعرضت أم محجبة في حي Billstedt لهجوم من رجلين أثناء سيرها مع طفلها الرضيع، حيث نُزع حجابها وتعرضت للضرب المبرح أدى إلى كسر في الأنف وارتجاج في الدماغ، دون أن تتمكن السلطات حتى الآن من القبض على الجناة.
كما شهد شهر مارس أيضاً حادثة اعتداء في متجر في حي Marienfelde ببرلين، حيث لكم رجل سيدة محجبة وسحبها أرضاً من حجابها، ما أدى إلى إصابات جسدية ونفسية. وفي يونيو من العام الماضي، حاول رجل ستيني نزع حجاب شابة داخل محطة بنزين في هامبورغ بعد أن وجه لها إهانات عنصرية، لكن الشابة تمكنت من الهرب وأبلغت الشرطة التي أوقفت الجاني لاحقاً.
وفي حادثة أخرى مؤرقة، تعرضت فتاة تبلغ من العمر 18 عاماً للاعتداء داخل محطة قطار في Langenfeld بولاية شمال الراين-ويستفاليا، حيث نُزع حجابها وتعرضت للضرب قبل أن يتمكن المعتدي من الفرار.
وقد أصدرت محكمة ألمانية في أبريل الماضي حكماً بغرامة مالية قدرها 900 يورو ضد رجل اعتدى على سيدة محجبة في حي Eidelstedt بهامبورغ، حيث شتمها وحاول نزع حجابها واعتدى عليها جسدياً، كما مُنع من قيادة السيارة لمدة شهرين وأُمر بدفع تعويض إضافي للضحية.
تأتي هذه الحوادث في وقت أظهرت فيه دراسة واسعة كلفت بها وزارة الداخلية الاتحادية، واستمرت لعامين ونصف، أن وسائل الإعلام الألمانية تسهم في تكريس صور سلبية عن الإسلام والمسلمين. إذ خلصت الدراسة إلى أن 57% من المقالات في الصحف الكبرى تقدم الإسلام في سياق سلبي، بينما تبلغ هذه النسبة 89% في التقارير التلفزيونية في قنوات مثل Das Erste وRTL. وتُستخدم بشكل متكرر صور لسيدات محجبات مصورات من الخلف في تقارير تتناول قضايا مثل التطرف والإرهاب، مما يربط في ذهن المتلقي بين الحجاب والتطرف.
ووفقاً للباحث كاي حافظ من جامعة إرفورت، فإن رؤساء التحرير في المؤسسات الإعلامية الكبرى غالباً ما يرفضون تناول الموضوعات الإيجابية المتعلقة بالإسلام، ويفضلون الصور النمطية المرتبطة بالخوف أو الغربة. وقد أكد عدد من الصحفيين الذين شاركوا في إعداد الدراسة أن الضغط التحريري يحد من إمكانيات التغطية المتنوعة والمتوازنة.
ومع تصاعد هذه الاعتداءات، تتعالى الأصوات المطالبة بإجراءات أكثر جدية لمواجهة الإسلاموفوبيا، وتفعيل الدور الرقابي على الخطاب الإعلامي بما يحفظ كرامة وسلامة النساء المسلمات في المجال العام الألماني.