أخبارالعالمالعالم الاسلامي

إقصاء المغرب من مشروع “القرآن في أوروبا” تغييب دورها الحضاري في العلاقة بين الإسلام والغرب

أثار غياب المغرب عن قائمة الشركاء في مشروع “القرآن في أوروبا”، الذي يحظى بتمويل سخي من المجلس الأوروبي للبحث العلمي، جدلاً واسعاً وتساؤلات عميقة حول أسباب إقصاء بلد يمتلك إرثاً حضارياً وروحياً عريقاً في تشكيل العلاقة التاريخية بين الإسلام وأوروبا.
المشروع، الذي انطلق منذ عام 2019 ويستمر إلى غاية 2026، يهدف إلى دراسة أثر القرآن الكريم في الثقافة الأوروبية خلال الفترة الممتدة بين سنتي 1150 و1850، وتشارك فيه جامعات أوروبية مرموقة من إيطاليا وفرنسا والدنمارك وإسبانيا، بمشاركة أسماء وازنة في مجال البحث الأكاديمي في اللغة العربية والدراسات القرآنية.
ورغم الخلفية العلمية للمشروع، فإن توقيت إعادة إبرازه إعلامياً، عبر مقال في صحيفة “لو جورنال دو ديمانش” الفرنسية تزامن مع احتفالات عيد الفصح المسيحي في أبريل 2025، ما أتاح لتيارات اليمين واليمين المتطرف توظيفه في خطاب الهوية، رافضين تمويل ما وصفوه بـ”سردية تمجّد الكتاب المقدس للمسلمين على حساب الهوية المسيحية لأوروبا”.
وفي خضم هذا السجال، لوحظ تغييب إشراقات الحضارة الإسلامية في الأندلس، والدور المغربي المحوري، رغم أن للمغرب تاريخاً مشتركاً عميقاً مع أوروبا، خاصة مع إسبانيا والبرتغال، يشمل فترات التعايش، واستقبال المهجرين من محاكم التفتيش، ووجود كنوز علمية مثل مكتبة السلطان السعدي مولاي زيدان في مكتبة الإسكوريال بمدريد.
وفي مقال تحليلي للباحث والمؤرخ المغربي عبد الله بوصوف، أُثيرت عدة تساؤلات حول أسباب استبعاد مؤسسات أكاديمية مغربية، كجامعة القرويين، أعرق جامعة في العالم، من هذا المشروع البحثي، رغم حضور مؤرخين مشاركين في المشروع سبق لهم الاشتغال على شخصيات مغربية بارزة مثل السلطان أحمد المنصور، أو شخصيات يهودية مغربية لعبت أدواراً دبلوماسية في أوروبا.
وأشار بوصوف إلى أن إعادة كتابة سردية جديدة لعلاقة الإسلام بالغرب لا يمكن أن تتم بمعزل عن الطرف الإسلامي، داعياً إلى مشاركة فاعلة للمؤسسات العلمية والفكرية في العالم الإسلامي، وخصوصاً في المغرب، بالنظر إلى تاريخه العريق وتراكمه الحضاري الغني.
كما طالب بإعادة النظر في مستوى إنتاج الفكر والمعرفة في العالم الإسلامي، والتساؤل عن دور المثقفين والمؤسسات الدينية في أوروبا في التفاعل مع مشاريع كهذه، محذراً من استمرار تغييب الصوت الإسلامي عن مشاريع معرفية سترسم مستقبل العلاقة بين الشرق والغرب لعقود قادمة.
وفي ظل تزايد التحديات الثقافية والهوياتية في أوروبا، يشدد مراقبون على أن إدماج المغرب في مشاريع بحثية مماثلة ليس فقط ضرورة علمية، بل أيضاً ركيزة أساسية لبناء سردية أكثر توازناً وعدلاً حول العلاقة التاريخية بين الإسلام وأوروبا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى