
أدى إغلاق باكستان لمعبر عطاري-واغا الحدودي مع الهند، للمرة الثانية خلال ست سنوات، إلى تعطيل حركة التجارة الإقليمية بشكل كبير، خاصة صادرات أفغانستان إلى الهند، مما عمّق من الأثر الاقتصادي السلبي على كابل التي تجد نفسها مجددًا ضحية لصراع لا تشارك فيه بشكل مباشر.
يُعد هذا المعبر شريانًا حيويًا تمر عبره نحو 80% من الصادرات الأفغانية إلى السوق الهندية، وفي مقدمتها الفواكه المجففة والسجاد والزعفران والأعشاب الطبية. ومع تصاعد التوترات بين إسلام آباد ونيودلهي، توقفت هذه الصادرات عمليًا، في وقت تشهد فيه الأسواق الهندية ارتفاعًا ملحوظًا بأسعار بعض السلع بنسبة تجاوزت 20%، وفق تصريحات رسمية من وزارة التجارة الأفغانية.
وقال خان الكوزي، عضو مجلس إدارة غرفة التجارة والاستثمار الأفغانية، إن إغلاق المعبر “أدى إلى توقف التجارة مع نيودلهي بشكل كبير”، مشددًا على أن البدائل المتاحة عبر ميناء تشابهار الإيراني أو الممر الجوي المباشر بين كابل ونيودلهي ليست مجدية من حيث الكلفة والسرعة.
ورغم استثمار الهند في ميناء تشابهار لتجاوز الاعتماد على الأراضي الباكستانية، فإن العقوبات الدولية المفروضة على إيران أعاقت فعاليته، فيما يشكل ارتفاع تكلفة النقل عبر الممر الجوي تحديًا آخر للتجار الأفغان، وخاصة العاملين في تصدير المنتجات الزراعية سريعة التلف.
التوتر الأخير يأتي ضمن سلسلة من الأزمات الثنائية بين الهند وباكستان، لا سيما منذ إلغاء نيودلهي الوضع الخاص لإقليم كشمير عام 2019، ما أدى إلى توقف العلاقات التجارية المباشرة بين البلدين، وانعكس سلبًا على دول ثالثة تعتمد على هذا المسار الحيوي، مثل أفغانستان.
ويحذر خبراء من أن استمرار هذه التوترات سيؤدي إلى تراجع كبير في حجم التجارة بين كابل ونيودلهي خلال الأشهر المقبلة، في ظل عدم وجود بدائل عملية، مما يُنذر بمزيد من الخسائر للاقتصاد الأفغاني، وتراجع قدرة الأسواق الهندية على تأمين بعض السلع الموسمية الأساسية.
وتبقى كلفة هذا الإغلاق متعددة الأوجه، لا تقتصر على الأرقام التجارية فحسب، بل تشمل أيضًا تداعيات اجتماعية واقتصادية أوسع، تمس الصناعات الصغيرة والمزارعين وشبكات النقل الإقليمي، وسط غياب رؤية دبلوماسية فعالة لتقليل آثار الصراع بين الجارتين النوويتين على بقية دول المنطقة.