شاهد قبر نادر يعود إلى 670 عامًا: أثر حجري يوثّق الارتباط الروحي العميق بالمرقد العلوي المطهّر

كشفت العتبة العلوية المقدسة عن وجود شاهد قبر أثري نادر يعود إلى أكثر من 670 عامًا، يقف شامخًا قرب ضريح أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، في لوحة فنية وتاريخية توثّق عمق الارتباط الروحي بهذا المرقد الطاهر، وتُعدّ من أقدم الشواهد الحجرية الموجودة في الصحن الشريف.
ويحمل الشاهد تاريخًا دقيقًا يعود إلى اليوم العاشر من شهر صفر سنة 776هـ، ويتميّز بتصميم مستطيل الشكل ونقوش دقيقة كُتبت بخط بارز بلون أصفر على خلفية حجرية مستوية، مما يعكس مستوى رفيعًا من الحِرَفية في التنفيذ، ويمنحه مكانة متقدمة بين الآثار الموجودة، بعد محراب مسجد الرأس من حيث الأهمية التاريخية والفنية.

ويُعتقد أن هذا الشاهد نُقل من مقبرة كانت تقع في دهليز باب الطوسي، وهو الباب الذي حُوّل إلى مدخل جديد خلال توسعات العهد العثماني عام 1291هـ (1874م) بأمر من المتصرف شِبلي باشا، ما أدى إلى إزالة الغرفة القديمة، ونقل الشاهد إلى جدار الدهليز حيث يُعرض اليوم.

ويُخلّد الشاهد أسماء المدفونين في تلك المقبرة، وهم الأمير نجيب الدين محمد، ومحمود بن محمد المهابادي، إضافة إلى امرأة تُدعى سعيدة، يُروى أنها كانت زوجة نجيب الدين، وتنتمي العائلة إلى سلالة ملكية من مملكة مهاباد الإيرانية في القرن الثامن الهجري.
ويحيط بالشاهد طرّتان سداسيتا الشكل نُقشتا بذات الأسلوب الفني، تحملان آيتين قرآنيتين هما: ﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ﴾ و﴿بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ﴾، في دلالة روحانية تعبّر عن رمزية الموت والرجاء، وتضفي بعدًا جنائزيًا متصلًا بقدسية المكان.

ودعت إدارة العتبة إلى تخصيص مكان لهذا الشاهد في المتحف العلوي المزمع إنشاؤه، ليكون في متناول الباحثين والمهتمين والزائرين، ضمن جهود متواصلة لحفظ التراث المعماري والروحي المرتبط بتاريخ النجف الأشرف وشخصياتها البارزة.
ويمثل هذا الشاهد أكثر من مجرد قطعة حجرية، بل يُعدّ وثيقة تاريخية حية تسلط الضوء على جوانب فنية وثقافية وروحية امتدت على مدى قرون، مؤكدة دور العتبة العلوية في صون الذاكرة الإسلامية وتاريخها العريق.