
تواصل “المنظمة الدولية للدفاع عن حقوق الشيعة” رصد وتوثيق الانتهاكات الممنهجة التي يتعرض لها المسلمون الشيعة في عدد من الدول، سواء من قبل أنظمة سياسية أو جماعات مسلحة ذات دوافع طائفية. ويغطي هذا التقرير أبرز الانتهاكات التي سُجّلت خلال الشهر الممتد من أوائل أبريل وحتى أوائل مايو 2025، بالاعتماد على مصادر موثوقة تشمل فرق الرصد الميداني، ونشطاء حقوقيين محليين، ومصادر إعلامية مستقلة. وتؤكد المنظمة حرصها على التحقق من المعلومات وتجنب ذكر الحالات التي لا تتوفر حولها قرائن كافية، رغم تيقّنها بوقوعها في بعض المناطق.
أفغانستان
شهدت البلاد سلسلة من الانتهاكات الصارخة ضد أبناء الطائفة الشيعية، تمثلت بمنعهم من ممارسة شعائرهم الدينية المرتبطة بعيد الفطر، حيث تدخلت سلطات “طالبان” بقوة في كابول ومزار شريف وهرات لمنع إقامة صلاة العيد، وفرضت على الشيعة الإفطار بالقوة، معتبرة أن إعلان العيد لا يجوز أن يختلف عن الموعد الذي تحدده السلطة. كما جرى اقتحام عدة مساجد وطرد الأئمة والمصلين تحت التهديد.
بالإضافة إلى ذلك، استُهدفت منطقة شيعية في مزار شريف بعبوة ناسفة زرعت قرب مسجد، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين، في هجوم تبنته جماعة متطرفة، ويأتي ضمن سلسلة من الاعتداءات المتكررة بحق التجمعات الشيعية.
باكستان
تواصلت معاناة شيعة باكستان، لا سيما في منطقة باراتشينار التي ما زالت تعاني من حصار خانق تفرضه جماعات متطرفة، وسط تقاعس رسمي عن توفير الإغاثة. كما أصدرت إحدى المحاكم حكمًا قاسيًا بالسجن أربعة عشر عامًا بحق ناشط شيعي على خلفية احتجاجاته السلمية.
في تطور خطير، قررت السلطات ترحيل أكثر من مليون لاجئ أفغاني، غالبيتهم من الشيعة، إلى أفغانستان، رغم معرفتها بالمخاطر التي تهدد حياتهم هناك.
ورغم جهود القوات الأمنية لإحباط بعض الهجمات، فقد استُهدفت قافلة مساعدات كانت متجهة إلى المناطق المحاصرة، ما أدى إلى سقوط قتلى واختطاف عدد من المدنيين.
البحرين
استمرت السلطات البحرينية في قمع الحريات الدينية للشيعة، حيث منعت إقامة صلاة الجمعة الموحدة في مسجد الإمام الصادق ببلدة الدراز لأسابيع متتالية، وهو ما يمثل سياسة ممنهجة لتضييق الخناق على الشعائر الدينية للطائفة الشيعية. كما شملت الانتهاكات اعتقال قاصر من بلدة سنابس دون توضيح الأسباب، في استمرار لنهج استهداف النشطاء والمواطنين الشيعة.
سوريا
سُجلت في سوريا انتهاكات فادحة بحق الطائفة الشيعية، خاصة في المحافظات ذات الكثافة السكانية العلوية أو الشيعية، تراوحت بين القتل، التهجير، الاعتقال القسري، والتمثيل بالجثث.
تم توثيق حالات اختطاف وبيع نساء وفتيات من الطائفة العلوية عبر مواقع التواصل، بعد اختطافهن من الساحل السوري ونقلهن إلى مناطق يسيطر عليها مسلحون متشددون. كما اقتُحمت قرى وبلدات شيعية مثل معربا وكفر سجنة، وشهدت اعتقالات جماعية.
وفي حمص، قُتل عدد من المدنيين داخل منازلهم أمام أطفالهم، واعتُقل آخرون وتعرضوا للتعذيب حتى الموت. كما تم الاستيلاء على مسجد شيعي بالقوة.
عمليات التهجير طالت قرى شيعية بأكملها، خاصة في ريف حماة الغربي وشمال حمص، حيث أُجبر السكان على ترك منازلهم تحت التهديد، وتم توطين عائلات بديلة مكانهم.
جرائم القتل امتدت إلى مناطق عدة كحلب، دمشق، واللاذقية، بالإضافة إلى تنفيذ اغتيالات وعمليات اختطاف بحق طلاب، نساء، وأساتذة جامعيين. وسُجلت كذلك حالات قتل وتمثيل بجثث مواطنين شيعة عراقيين في منطقة السيدة زينب.
من الناحية المؤسسية، قامت السلطات بإلغاء أسماء الأحياء الشيعية في حمص بعد تهجير سكانها، وصادرت منازلهم ومنحتها لمقاتلين من فصائل متشددة. كما وُثّقت جرائم قتل جماعي في حمص وضواحيها، وعمليات اختطاف يومية طالت النساء والرجال على حد سواء.
السعودية
نفّذت السلطات حكم الإعدام بحق شاب من بلدة العوامية بمحافظة القطيف، وذلك في سياق حملة قمع سياسي وطائفي ضد أبناء الطائفة الشيعية، وسط مطالب حقوقية بإعادة النظر في هذه الأحكام التي تفتقر إلى ضمانات المحاكمة العادلة.
العراق
عُثر على مقبرة جماعية قرب إحدى قرى جنوب كركوك، تحتوي على رفات أكثر من 24 شابًا من أبناء انتفاضة شعبان، الذين أُعدموا ودفنوا أحياءً من قبل النظام البعثي المقبور. هذه الحادثة تسلط الضوء على الجرائم التاريخية التي ارتكبها النظام البعثي ضد الطائفة الشيعية، ولا تزال آثارها حاضرة حتى اليوم.
وتؤكد المنظمة الدولية للدفاع عن حقوق الشيعة أن استمرار هذه الانتهاكات على هذا النطاق الواسع يشكّل تهديدًا خطيرًا للسلم الأهلي والعدالة في المجتمعات المعنية. وتدعو المجتمع الدولي، ومؤسسات الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان إلى تحمل مسؤولياتها في إدانة هذه الجرائم، والضغط على الحكومات لضمان حماية حقوق الإنسان للأقليات الدينية، وعلى رأسها الطائفة الشيعية التي تتعرض لتمييز وقمع منهجي في عدد من الدول.