أخبارأوروباالعالم الاسلامي

“هستيريا”.. فيلم ألماني يسلّط الضوء على حوادث حرق المصحف وينتقد تنامي الكراهية تجاه المسلمين

سلّط الفيلم الألماني “هستيريا”، الذي عُرض للمرة الأولى ضمن قسم “بانوراما” في مهرجان برلين السينمائي لهذا العام، الضوء على ظاهرة حرق المصحف وما تثيره من تداعيات اجتماعية وثقافية عميقة في أوروبا، في ظل تصاعد تيارات اليمين المتطرف.
الفيلم الذي أخرجه الألماني من أصول تركية محمد عاكف بويوكاتالاي، يتناول قصة جريمة كراهية حقيقية وقعت في مدينة سولينغن الألمانية عام 1993، حين أضرم متطرفون النار في منزل أسرة تركية، مما أدى إلى وفاة خمسة أشخاص بينهم أطفال. ويوظف الفيلم حادثة عثور فريق عمل سينمائي على نسخة محترقة من المصحف داخل موقع تصوير لإثارة سلسلة من الأسئلة الأخلاقية والاجتماعية حول نظرة الغرب إلى الإسلام والمسلمين.
في سردٍ درامي محكم، تبدأ القصة مع اكتشاف المصحف المحترق من قبل متدربة شابة تُدعى إليف، لتدخل الأحداث في دوامة من التوتر والاتهامات والمخاوف، خاصة بعد فقدان مفاتيح إحدى الشقق وظهور تهديدات مبهمة تزيد من حدة الأزمة بين العاملين في موقع التصوير. وبدلًا من مواجهة الحادثة بشجاعة، يختار صُنّاع الفيلم تجنّب الصدام المباشر، في ظل ضغوطٍ تمارسها جهات رسمية كوزارة الثقافة الألمانية.
المخرج بويوكاتالاي حرص على التعامل بحساسية مع الموضوع، حيث لم يعرض مشهد الحرق بشكل مباشر، بل اكتفى بإظهار المصحف المتفحم كرمز للشرارة التي فجرت الأحداث. واعتبر بويوكاتالاي، في تصريحات صحفية، أن الفيلم يعالج مسألة تمثيل الصور في الفضاءات المشحونة سياسيًا وعاطفيًا، ويناقش كيف تتحول الرموز إلى أدوات للاستقطاب وسوء الفهم العميق بين الثقافات.
يطرح “هستيريا” تساؤلات حول الحرية والمسؤولية، ويعرض كيف يمكن لحادثة عرضية أن تتحول إلى أزمة كبرى في ظل الأجواء المشحونة بالخوف وسوء الظن. كما يناقش الفيلم الرمزية العميقة للمصحف باعتباره رمزًا مقدسًا في وجدان المسلمين، مقابل تباين التفسيرات الغربية التي تراوح بين اعتبار الحرق استفزازًا متعمدًا أو دفاعًا عن حرية التعبير.
ويُعد فيلم “هستيريا” استمرارًا لنهج بويوكاتالاي في تسليط الضوء على قضايا المسلمين في أوروبا، بعدما لفت الأنظار سابقًا بفيلمه “أوراي” الذي فاز بجائزة أفضل فيلم روائي طويل في مهرجان برلين السينمائي لعام 2019.
من خلال معالجة درامية حساسة وحبكة مشوقة، يقدم “هستيريا” قراءة نقدية لحوادث حرق المصحف، ويعري مشاعر الخوف والعنصرية الكامنة داخل بعض المجتمعات الغربية، في دعوة صريحة للتأمل في جذور هذه الظواهر ومآلاتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى