
تواصلت في العراق، وللأسبوع الثاني على التوالي، ردود الفعل المتباينة بشأن دعوة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لرئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع المعروف بـ”أبو محمد الجولاني”، للمشاركة في القمة العربية المزمع عقدها ببغداد في 17 أيار المقبل، وسط انقسام حاد بين مؤيدين يرون فيها قراراً سيادياً يخدم المصالح الوطنية، ورافضين يعدونها تجاوزاً غير مسبوق للذاكرة الوطنية ومسؤوليات الإطار التنسيقي.
وكان السوداني قد أعلن في 16 نيسان الجاري، خلال مشاركته في ملتقى السليمانية الدولي، توجيه دعوة رسمية إلى الشرع لحضور القمة العربية، مؤكداً أن “القمة حدث مهم لاستقبال القادة العرب ومعالجة قضايا الأمن والاقتصاد”، تلتها لاحقاً قمة مصغّرة خاطفة جمعت السوداني بالشرع وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الدوحة.
ردود الأفعال الرافضة تصاعدت من البرلمان إلى القوى السياسية، حيث كشفت النائبة ابتسام الهلالي عن جمع تواقيع نيابية لاستضافة رئيس الوزراء في البرلمان ومطالبته بالتراجع عن دعوته، في حين تم تقديم طلب موقع من 58 نائباً لمخاطبة وزارة الخارجية بشأن إلغاء الدعوة.
وأعلن حزب الدعوة الإسلامية موقفاً رافضاً “غير مباشر” للزيارة، فيما ذهب الأمين العام لعصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، إلى التلويح باعتقال الشرع فور وصوله إلى بغداد، متسائلاً عن خلفية تجاهل “سجله الدموي” ومطلوبيته المفترضة.
من جانبه، يرى الباحث السياسي محمود الهاشمي أن “الذاكرة العراقية لا تزال مثقلة بمشاهد الإرهاب التي ارتبطت بالجولاني، ومن الصعب تجاوزها بسهولة”، مرجحاً أن السوداني اتخذ قراره بشكل منفرد من دون الرجوع إلى الإطار التنسيقي الذي يمثّل حاضنته السياسية.
في المقابل، اعتبر المحلل السياسي علاء الخطيب أن “دعوة السوداني تستند إلى المصلحة الوطنية وليس إلى العداوات”، مشيراً إلى أن “العلاقات الدولية تُبنى على المصالح لا الأشخاص”، مستشهداً بعلاقات إيران مع الولايات المتحدة رغم اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، ما يعكس واقعية السياسة الخارجية.
بدوره، أوضح الخبير القانوني علي التميمي أن صلاحيات رئيس الوزراء العراقي، وفق الدستور، تخوّله اتخاذ مثل هذه الخطوات الدبلوماسية، لافتاً إلى أن الحصانة الدولية لرؤساء الدول تمنع محاكمتهم أو اعتقالهم عند دخولهم أراضي دولة أخرى، حتى في حال وجود مذكرات اعتقال، مستنداً بذلك إلى قرارات محكمة العدل الدولية واتفاقيات فيينا وميثاق الأمم المتحدة.
ويأتي الجدل في وقت تشهد فيه العلاقات العراقية – السورية تحسناً ملحوظاً، عكسته زيارات متبادلة بين مسؤولي البلدين، أبرزها زيارة رئيس جهاز المخابرات العراقي إلى دمشق مطلع العام الحالي، وزيارة وزير الخارجية السوري إلى بغداد الشهر الماضي.
ورغم الدعوات البرلمانية للتراجع عن الخطوة، تشير مصادر سياسية إلى أن الحكومة ماضية في إنفاذ دعوتها، تاركةً الكلمة الفصل لمجريات القمة وتوازنات الإقليم.