
في وقت يحتفل فيه العالم بيوم الفن العالمي، وتحتفي فيه منظمة اليونسكو بالإبداع وحرية التعبير والتنوع الثقافي، يعيش الفن في أفغانستان واحدة من أكثر مراحله ظلمة، حيث يواجه تهميشًا واسع النطاق وقمعًا متصاعدًا منذ عودة حركة طالـ،ـبان إلى السلطة.
وقد أدّى استيلاء طالـ،ـبان على الحكم إلى إغلاق المعارض الفنية، وإسكات الآلات الموسيقية، وتوقّف المسرح، كما تم استبعاد النساء بشكل شبه تام من المشهد الفني. الفنانة زينب، وهي طالبة سابقة في كلية الفنون الجميلة بجامعة هرات، وصفت الوضع بأنه “قصة صمت وسكون”، مؤكدة أنّ المؤسسات الثقافية والتعليمية أُغلقت، وأنّ العديد من الفنانين اضطروا إلى مغادرة البلاد نتيجة غياب الدعم وتفاقم الضغوط السياسية والاقتصادية.
وقالت زينب: “اليوم لم يعد وجود المرأة في مجال الفن محظورًا فحسب، بل إن رسم الوجوه البشرية والحيوانية أضحى محرّمًا. إنهم يحاولون تدمير الفن بالكامل”.
وتشير تقارير محلية إلى أنّ طالـ،ـبان فرضت قيودًا رسمية مشددة على أشكال التعبير الفني كافة، حيث مُنع تصوير الوجوه، وصناعة التماثيل، وعروض المسرح، وحتى كتابة بعض القصائد.
وامتد الحظر ليشمل الأدب أيضًا، حيث منعت حركة طالـ،ـبان نشر وبيع العديد من الكتب في مجالات الفن والتاريخ والسياسة وعلم الاجتماع، كما تم تقييد نشر القصائد ذات الطابع الفني أو الثقافي.
وفي خضم هذا القمع، دعت مؤسسة “بامداد – بيت الشعر في المنفى” الفنانين والشعراء والكتاب إلى كسر الصمت، واستنهاض الجهود للوقوف بوجه ما وصفته بـ”محو الفن من الوجود”. وفي رسالة مؤثرة، قالت الشاعرة المهاجرة سمية راميش إن “أفغانستان تمر بأيامها الأكثر ظلمة، والفنانون يتحملون عبء هذا الظلام وحدهم”.
من جانبها، شددت منظمة اليونسكو في بيانها بمناسبة اليوم العالمي للفن على أهمية الفن في تعزيز التعليم والتماسك الاجتماعي والتنمية المستدامة، مؤكدة أن الفن يجب أن يبقى وسيلة للحوار والتحول، لا أداة يُكمَّم بها الصوت أو يُمحى بها الوجود الثقافي.