
أحيا عدد من أبناء محافظة ذي قار، مساء الجمعة، الذكرى السابعة والثلاثين لحملة الأنفال التي ارتكبها النظام العراقي السابق ضد أبناء المكوّن الكردي، عبر أمسية استذكارية ومعرض صور احتضنتهما مدينة الناصرية، بتنظيم من فريق الشارع الثقافي بالتعاون مع الجمعية العراقية للعلوم السياسية، وبحضور نخبة من المثقفين والمواطنين.

وتضمنت الفعالية قراءات في خلفيات الجريمة وشهادات حية عن ضحايا المجزرة التي وقعت أواخر عام 1988، حين شنّ النظام البعثي السابق حملة إبادة باستخدام أسلحة كيمياوية محرّمة دولياً، استهدفت قرى كردية مأهولة بالمدنيين العزّل، من نساء وأطفال وشيوخ.

وقال هيثم عبد الخضر، مسؤول فريق الشارع الثقافي في الناصرية، إنّ هذه الأمسية تأتي لتذكير الأجيال بجريمة أراد لها البعض أن تُمحى من الذاكرة الوطنية، مضيفًا: “ما جرى في حملة الأنفال هو نموذج لما تفعله الأنظمة الشمولية حين تُطلق يدها في قمع المكوّنات دون رادع، وهو ما يتكرّر بصور مختلفة حتى اليوم في بلدان عدّة”.

وشدّد عبد الخضر على أهمية التوثيق، قائلاً: “رسالتنا من خلال هذه الأمسية هي ألا تُنسى هذه الجرائم، وأن يعي الجيل الجديد خطورة الصمت عنها أو تبريرها تحت أي ذريعة”.

من جانبه، أشار سلمان هاشم، منظم معرض الصور، إلى أن المعرض احتوى على عشرات الصور التي توثّق مشاهد مأساوية لضحايا الحملة، مؤكداً أن “هذه الذكرى لا تمر دون أثر، فالصورة وحدها قادرة على اختصار بشاعة ما ارتُكب من جرائم بحق أناس لم يكن لهم من ذنب سوى أنهم ينتمون لهوية أراد النظام طمسها”.

أما المؤرخ والناقد صباح محسن، فاعتبر الأنفال “واحدة من أبشع جرائم الإبادة الجماعية في تاريخ العراق المعاصر”، لافتاً إلى أنه شهد آثار الهجوم الكيمياوي بنفسه قرب حلبچة، حيث لا تزال الصخور تحتفظ برائحة الموت، على حدّ تعبيره.

وتُعدّ حملة الأنفال التي شنّها نظام صدام حسين بين عامي 1987 و1988، واحدة من أسوأ الجرائم ضد الإنسانية في الشرق الأوسط، إذ أودت بحياة عشرات الآلاف من الأكراد، وتسببت في تدمير مئات القرى، وتُعدّ حتى اليوم جرحًا مفتوحًا في الذاكرة العراقية.
