أخبارسوريا

سوريون يستنكرون مظاهر “سيارات الحسبة”: تصرّف دخيل يهدد النسيج الوطني المتنوع

عبّر عدد كبير من السوريين، مسلمين ومسيحيين، عن رفضهم الشديد لظاهرة “سيارات الحسبة” التي بدأت تجوب شوارع بعض المدن السورية مؤخراً، معتبرين أنها دخيلة على طبيعة المجتمع السوري المعروف بتعدده الديني والمذهبي واعتداله التاريخي، وأنها تمثل استفزازاً مباشراً لمكونات أساسية من المجتمع.
وتنتشر هذه السيارات الدعوية، التي تستخدم مكبرات الصوت، للدعوة إلى الالتزام بالشريعة الإسلامية و”الهداية”، مستهدفة بشكل خاص الأحياء ذات الغالبية المسيحية أو الأقليات الدينية، في خطوة وُصفت بأنها تمثل محاولة لفرض وصاية دينية على المواطنين، وتهدد السلم الأهلي وتفتح الباب أمام فتنة طائفية لا يريدها أحد.
وفي حي الدويلعة الدمشقي، وهو حي ذو غالبية مسيحية، أثارت هذه التصرفات توتراً كبيراً دفع بشبان مسلمين في المنطقة للتصدي لتلك السيارات، حمايةً لما تبقى من وحدة مجتمعية، ودرءاً لأي احتكاك طائفي، ما أدى إلى عراك بالأيدي تدخل على إثره الأمن العام، دون أن تتضح نتائج هذه المتابعة حتى اللحظة، خصوصاً مع نشر القائمين على هذه الحملات صوراً لهم من وسط العاصمة، بعد ساعات من إعلان ملاحقتهم.
“لسنا كفّاراً” كانت العبارة الأبرز التي رددها أهالي المناطق المستهدفة، في رفض علني لما يعتبرونه خطاباً إقصائياً لا يمثل القيم السورية الأصيلة. وأشار عدد من المواطنين، ومن بينهم الطبيب علي جابر من حمص، إلى أن هذه الممارسات تستفزّ السكان وتزرع الرعب في قلوبهم، خاصةً حين تأتي بعد توترات أو مجازر طائفية حديثة.
ويقول مراقبون إن هذه الظاهرة تنامت بعد سقوط نظام بشار الأسد أواخر العام الماضي، مستفيدةً من حالة الفراغ السياسي والأمني، ما أتاح الفرصة لظهور تيارات دعوية جديدة تسعى لفرض رؤاها الدينية على المجتمع. ويؤكد المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية معتز محمد أن هذا الشكل من “السلفية الدعوية” لم يكن مألوفاً في سوريا قبل الأشهر الأخيرة، مشيراً إلى أنه يقدم تصوراً جافاً ومتشدداً للدين، يتجاهل المذاهب الأخرى، ويضع المجتمع أمام حالة من الاستقطاب.
وفي وقت عبّر فيه بعض الأئمة عن تخوفهم من تأثير التمويلات الخارجية التي دعمت هذه الظواهر، يشدد عدد من رجال الدين المعتدلين على أن ما يجري يهدد القيم الجامعة التي طالما وحّدت السوريين، داعين إلى وقف هذه التصرفات فوراً.
السوريون، بكل أطيافهم، أكدوا من خلال هذه الحوادث رفضهم العميق لمحاولات زرع الفتنة تحت غطاء “الدعوة”، مشددين على أن بلادهم، التي تضم 18 طائفة وعرقاً، لا يمكن أن تُختزل في فكر واحد أو مظهر واحد، وأن التعددية هي روح سوريا التي لا بد من صيانتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى