أخبارأفغانستانباكستان

ترحيل جماعي للمهاجرين الأفغان من باكستان: ضريبة سياسية يدفعها الأبرياء بسبب الخلافات بين طالـ،ـبان وإسلام أباد

بدأت الحكومة الباكستانية تنفيذ خطة ترحيل واسعة بحق المهاجرين الأفغان، مستهدفةً أكثر من 800 ألف شخص، في خطوة أثارت احتجاجات من حكومة طالـ،ـبان ومنظمات حقوق الإنسان، وأعادت تسليط الضوء على العلاقة المتوترة بين إسلام أباد وكابول.
ومع نهاية المهلة التي منحتها الحكومة الباكستانية للمهاجرين لمغادرة مدينتي إسلام أباد وراولبندي في 31 آذار/مارس الماضي، شرعت الشرطة بحملات اعتقال وطرد قسري شملت الآلاف، بينهم مهاجرون يحملون بطاقات هوية قانونية مثل بطاقة الهوية الأفغانية (ACC) وبطاقات تسجيل صادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ووفق إحصاءات المنظمة الدولية للهجرة، فإن 8 آلاف مهاجر أفغاني على الأقل جرى ترحيلهم خلال يومين فقط، في 5 و6 من الشهر الجاري، بمن فيهم أشخاص كانوا يعيشون بصورة شرعية في البلاد.
وفي أول رد رسمي، أدانت حركة طالـ،ـبان القرار، واعتبرته “غير إسلامي” و”غير إنساني”، مطالبةً إسلام أباد بالتراجع عنه. وعقدت قيادة طالـ،ـبان اجتماعًا طارئًا برئاسة رئيس الوزراء الملا محمد حسن أخوند، بحضور كبار المسؤولين بينهم عبد الغني برادر، وعبد السلام حنفي، ومولوي عبد الكبير. واعتبر المشاركون أن القرار ينتهك تعاليم الإسلام، ومبادئ القانون الدولي، وحقوق الجوار، داعين الأحزاب والعلماء والشخصيات المؤثرة في باكستان إلى الوقوف ضد ما وصفوه بـ”المعاملة الجائرة” بحق المهاجرين.
وطالبت طالـ،ـبان الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالتدخل العاجل للحد من ما وصفته بـ”كارثة إنسانية”، والعمل على ضمان عودة كريمة للمهاجرين الأفغان إلى بلادهم.
من جانب آخر، عبّر عدد من السياسيين الأفغان البارزين عن احتجاجهم على الترحيل القسري، إذ وصف محمد حنيف أتمر، آخر وزير خارجية في الحكومة الجمهورية السابقة، القرار بأنه “إجراء سياسي غير مسؤول وخطير”، منتقدًا في الوقت نفسه ردّ طالـ،ـبان، وواصفًا إياه بـ”غير المقبول”. وقال أتمر إن المهاجرين الأفغان ليسوا سببًا في الأزمات الأمنية والاقتصادية التي تواجه باكستان، بل كانوا مصدر دعم اقتصادي بجهودهم الذاتية.
بدوره، اعتبر زعيم الحزب الإسلامي الأفغاني قلب الدين حكمتيار، طرد المهاجرين الأفغان “غير إسلامي”، مؤكدًا أنهم ساهموا في تنمية باكستان، ووقفوا إلى جانبها في مواجهة الاحتلال الأجنبي.
في المقابل، حمّلت بعض القوى السياسية الأفغانية مسؤولية الوضع الراهن لطالـ،ـبان، ودعت باكستان إلى عدم اتخاذ إجراءات انتقامية بحق المهاجرين نتيجة خلافاتها مع الحركة، مشددة على أن بعض هؤلاء الفارين كانوا ضحايا حكم طالـ،ـبان أنفسهم.
أما المنظمات الدولية، فقد عبّرت عن قلقها إزاء الترحيل القسري، محذرة من أن حياة كثير من المهاجرين ستكون معرضة للخطر في حال إعادتهم، لكونهم فارين أصلاً من بطش طالـ،ـبان.
وفي سياق تبرير القرار، اتهمت السلطات الباكستانية المهاجرين الأفغان بالتورط في الانفلات الأمني والمشاركة في احتجاجات سياسية، لا سيما تلك التي نظّمها أنصار رئيس الوزراء السابق عمران خان. وأشارت إلى أن بعض الموقوفين خلال تلك الأحداث كانوا من الجنسية الأفغانية.
كما تتهم إسلام أباد حركة طالـ،ـبان بإيواء مجموعات مسلحة من بينها “تحريك طالـ،ـبان باكستان”، التي تقول إنها تنطلق من الأراضي الأفغانية لشن هجمات داخل باكستان. في المقابل، تنفي طالـ،ـبان هذه المزاعم وتعتبر أن التدهور الأمني الباكستاني يعود إلى “فشل داخلي في الحكم والأمن”.
وفي خضم هذا السجال السياسي والأمني بين الجانبين، يبقى المهاجرون الأفغان هم الطرف الأضعف في المعادلة، يدفعون ثمنًا باهظًا لصراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل، في ظل غياب حلول واقعية تؤمّن لهم حق العيش بكرامة وأمان، سواء داخل أفغانستان أو خارجها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى