أخبارالعراق

في الذكرى الـ45 لاستشهاده.. السيد محمد باقر الصدر رمزٌ علميٌّ وجهاديٌّ واجه البعث بصلابة وترك إرثاً لا يُنسى

يستذكر العراقيون والعالم الإسلامي، في التاسع من نيسان/أبريل، الذكرى الخامسة والأربعين لاستشهاد المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر (قدّس سرّه)، الذي اغتالته يد النظام البعثي المباد في عام 1980، بعدما شكّل بفكره وشجاعته وتاريخه العلمي المضيء أحد أبرز رموز المواجهة الفكرية والسياسية لذلك النظام الدموي.
وُلد السيد الصدر عام 1935 في مدينة الكاظمية المقدسة لأسرة علمية عريقة تعود جذورها إلى آل الصدر، وبرز منذ صغره كطالب نابه في العلوم الدينية، حيث أتمّ المراحل الابتدائية في وقت قياسي، قبل أن ينتقل إلى النجف الأشرف ليلتحق بالحوزة العلمية، ويُعرف فيها بسرعة البديهة وغزارة الاطلاع، حتى نال مرتبة الاجتهاد في سنّ الثامنة عشرة.
بدأ السيد الصدر تدريس “كفاية الأصول” وهو في العشرين من عمره، ثم تدرّج إلى تدريس البحث الخارج في الفقه والأصول والفلسفة والتفسير، وظلّ على مدى ثلاثة عقود أستاذًا بارزًا ومصدر إلهام لكوكبة من العلماء والفضلاء الذين ساروا على نهجه من بعده.
وقدّم الشهيد الصدر للعالم الإسلامي مكتبة ثرية من المؤلفات الرائدة، من بينها: اقتصادنا، فلسفتنا، الأسس المنطقية للاستقراء، البنك اللاربوي في الإسلام، دروس في علم الأصول، وغيرها من الكتب التي أصبحت مراجع رئيسية في الفكر الإسلامي الحديث.
لم يكن السيد الصدر فقيهاً فحسب، بل كان مفكراً مجدداً ومصلحاً اجتماعياً، تصدى مبكراً لنظام حزب البعث منذ استيلائه على الحكم، فحرّم الانتماء إليه وأسس منذ عام 1958 مع نخبة من الإسلاميين حزب الدعوة الإسلامية، مناهضًا الديكتاتورية والفكر البعثي بأسلوب علمي وشرعي واضح، ما جعله هدفًا لملاحقة النظام.
وفي محاولة لعزله عن المجتمع، فرضت عليه السلطات البعثية الإقامة الجبرية نحو تسعة أشهر، ثم اعتقلته مع شقيقته العلوية بنت الهدى، قبل أن يُقتلا بدم بارد وتحت التعذيب الوحشي في نيسان/أبريل 1980، في واحدة من أفظع جرائم النظام بحق الرموز الدينية والعلمية في العراق.
ولا تزال كلمات السيد الشهيد تتردّد في ضمير الأمة، وعلى رأسها عبارته الشهيرة: “لو كان إصبعي بعثيًّا لقطعته”، شاهدةً على مواقف رجلٍ واجه الظلم والاستبداد حتى الرمق الأخير، فكان منارةً للحرية ومُلهمًا لحركات المقاومة في العراق والعالم الإسلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى