أخبارالعتبات والمزارات المقدسةالعراق

إعمار مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) في عام 283هـ على يد الداعي الصغير ودعمه المستمر للعتبات المقدسة

شهد مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) في عام 283هـ واحدة من أبرز مراحل الإعمار التاريخية، على يد محمد بن زيد العلوي، المعروف بـ”الداعي الصغير”، والذي تولّى الحكم في طبرستان بعد وفاة أخيه الحسن بن زيد الملقّب بـ”الداعي الكبير”.
وكان الداعي الصغير قد واصل المسيرة السياسية والعمرانية التي بدأها أخوه، فكرّس جزءًا من موارده لدعم العلويين وعمارة العتبات المقدسة، حيث خصّص سنويًا مبلغ 32 ألف دينار تُرسل إلى قاضيه في العراق لتوزيعها على العلويين في مدينتَي النجف وكربلاء.
وفي سنة 283هـ، أمر محمد بإكمال بناء الروضتين الشريفتين، الحسينية والعلوية، حيث شُيّدت قبة مرقد الإمام الحسين (عليه السلام)، وأُقيم مسجد وسور يحيط بالحائر، إلى جانب بناء عدد من الدور الخاصة بزوار المرقد الشريف، وهو ما شكّل نقلة نوعية في البنية العمرانية للمرقد آنذاك.
وقد أثارت هذه الأنشطة العمرانية المكثفة قلق بعض أركان الدولة العباسية، فرفعوا الأمر إلى الحاكم المعتضد، غير أن الأخير رفض التعرض لمحمد بن زيد، وذكر أنه رأى في المنام الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) يأمره بإكرام العلويين وعدم المساس بهم.
استمر محمد بن زيد في دعمه للعتبات المقدسة حتى قُتل في معركة قرب جرجان في العام ذاته، خلال مواجهة مع جيش عمر بن ليث الصفاري. ويُروى عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) حديثًا يشير فيه إلى رجل يُقتل بعد أن يبني سورًا على قبر الإمام الحسين (عليه السلام) يحتوي على سبعين إيوانًا، وقد فسّر بعض المؤرخين هذه الرواية بأنها انطبقت على محمد بن زيد العلوي.
وتبقى هذه المرحلة واحدة من المحطات المهمة في تاريخ مرقد الإمام الحسين (عليه السلام)، حيث مثّلت نموذجًا لتكافل القيادة العلوية مع إرث أهل البيت (عليهم السلام) وحرصها على حفظ مقاماتهم وصونها من الإهمال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى