
تواصل السياسات الاقتصادية الأمريكية القائمة على فرض رسوم جمركية مرتفعة على الواردات إثارة قلق واسع في الأوساط الاقتصادية الدولية، وسط تحذيرات من تداعيات خطيرة قد تمس مختلف الشرائح والدول، لا سيما الاقتصادات النامية والدول الإسلامية والمنظمات الإنسانية واللاجئين حول العالم.
ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه الرسوم، التي بدأت واشنطن بتطبيقها على نطاق واسع، تهدد بانهيار قواعد التجارة الحرة وتُفضي إلى ارتفاع أسعار السلع، ما يؤدي إلى انخفاض الطلب العالمي وتباطؤ النمو الاقتصادي، خاصة في الدول التي تعتمد بشكل أساسي على التصدير لتوليد الإيرادات وتوفير فرص العمل.
كما حذّر الخبراء من أن الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة تمثل تهديداً مباشراً للاقتصاد العالمي، كاشفين عن أن الصين ستكون المتضرر الأكبر، حيث تتجاوز صادراتها إلى السوق الأمريكية 500 مليار دولار سنوياً، موضحين أن “فرض هذه الرسوم سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار وانخفاض الاستهلاك، ما يدفع المصانع لتقليص إنتاجها، وبالتالي تفاقم معدلات التضخم وزيادة البطالة”.
وأضافوا أن السياسات الحمائية الأمريكية تخالف الاتفاقيات التجارية الدولية، الأمر الذي قد يؤدي إلى إجراءات انتقامية من قبل شركاء تجاريين كبار، ويدفع بالعالم نحو حرب تجارية شاملة، مؤكدين أن “الولايات المتحدة نفسها لن تكون بمنأى عن التداعيات السلبية لهذه السياسات، سواء على مستوى الأسواق أو ثقة المستثمرين”.
وفي ظل هذه الإجراءات، تواجه الدول الإسلامية تحديات متزايدة، حيث تعتمد الكثير منها على تصدير السلع الأولية والمنتجات الزراعية إلى الأسواق الغربية، وفي مقدمتها السوق الأمريكية. ومع تراجع القدرة التنافسية بفعل ارتفاع الرسوم، تجد هذه الدول نفسها أمام أزمة في الميزان التجاري وتزايد الضغط على العملة المحلية، ما يهدد الأمن الغذائي ويزيد من معدلات الفقر.
أما على صعيد المنظمات الإنسانية، فإن ارتفاع تكاليف النقل والسلع الأساسية بسبب الرسوم الجمركية قد يُقلّص قدرتها على توفير الإغاثة والمساعدات في مناطق النزاع والمجاعات، مما ينعكس بشكل مباشر على حياة ملايين اللاجئين والمحتاجين في الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا.
كذلك، تُعد الرسوم الجمركية عائقاً كبيراً أمام إعادة الإعمار والتنمية في الدول الخارجة من الأزمات، حيث يؤدي ارتفاع تكلفة استيراد المواد الخام والمعدات إلى تأخير مشاريع البنية التحتية وتجميد خطط الإنعاش الاقتصادي.
ورغم هذه التداعيات الواسعة، يرى بعض المحللين أن الأزمة الحالية قد تمثل فرصة لإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي، من خلال تقليل الاعتماد على الاقتصاد الأمريكي وتشجيع التعاون بين دول الجنوب العالمي وتعزيز الشراكات الإقليمية، خاصة في العالم الإسلامي، لتأسيس منظومة اقتصادية أكثر عدلاً واستقلالاً.
ويخلص مراقبون إلى أن الرسوم الجمركية الأمريكية تمثل أزمة عالمية متعددة الأوجه، تطال الحكومات والمؤسسات والمجتمعات على حد سواء، وتتطلب استجابة دولية متماسكة لحماية النظام الاقتصادي العالمي ومصالح الفئات الأكثر ضعفاً.