أخبارالعراق

كهوف الطار في كربلاء.. شاهدٌ أثري على عراقة طرق المواصلات القديمة بين العراق وبلاد الشام والجزيرة العربية

تُعد كهوف الطار من أبرز المعالم الأثرية في محافظة كربلاء المقدسة، لما لها من أهمية تاريخية بارزة في شبكة المواصلات القديمة التي ربطت بين العراق وبلاد الشام والجزيرة العربية، ما يجعلها شاهداً حياً على حراك تجاري وثقافي امتد لقرون.
وتقع هذه الكهوف في موقع استراتيجي جعل منها محطة طبيعية للقوافل والمسافرين عبر العصور، خاصة في الحقبتين التي سبقت الإسلام وتلت ظهوره. وقد اكتسبت المنطقة المحيطة بالأخيضر، والتي تبعد نحو 15 كيلومتراً عن كهوف الطار، أهمية خاصة بوصفها ملتقىً لعدة طرق تجارية قديمة، منها الطريق الممتد من الكوفة إلى بلاد الشام، مروراً بمواقع حضارية مثل موجدة، عطشان، قلعة شمعون، والبردويل.
وارتبطت هذه الطرق بشبكة أوسع امتدت نحو البحر الأبيض المتوسط من جهة، والخليج العربي والبحر العربي من جهة أخرى، مما عزز مكانة كهوف الطار والمنطقة المحيطة بها، وخاصة المدن المجاورة مثل الحيرة والحضر وتدمر، كمراكز ذات دور محوري في التبادل التجاري والثقافي بين المشرق والمغرب.
كما تشكل منطقة الطار نقطة التقاء لطرق كانت تصل إلى عانة، ماري، وتدمر بمحاذاة نهر الفرات، وتمتد إلى حلب وأنطاكيا، إضافة إلى ارتباطها بمسارات من داخل الجزيرة العربية عبر وادي العبيد (وادي الأبيض) باتجاه وسط وجنوب بلاد الرافدين.
ويُرجَّح أن تل السباعي، الواقع جنوب الطار، كان حلقة وصل رئيسية لربط مدن مثل الرمادي وشثاثة والأخيضر بالنجف، عبر ممرات طبيعية ساعدت على تسهيل حركة القوافل.
ومن خلال هذه الشبكات المعقدة، مرّ طريق تجاري دولي من سواحل شرق البحر المتوسط نحو الخليج العربي والهند، مروراً بتدمر، دورا-أوروبوس، ماري، الرمادي، وبابل، ما يؤكد أهمية بادية كربلاء كمركز تلاقٍ للحضارات ومسارات التجارة القديمة.
وتبقى كهوف الطار اليوم دليلاً ملموساً على عمق التواصل الحضاري الذي شهدته المنطقة، ومعْلماً تاريخياً يروي قصة من مجد العراق المتجذر في صميم الجغرافيا والتاريخ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى