
كشفت منظمات حقوقية سودانية ودولية، من بينها مجموعة “محامو الطوارئ”، عن تنفيذ إعدامات ميدانية راح ضحيتها ما لا يقل عن 45 مدنياً خلال اليومين الماضيين، في عدة أحياء بالعاصمة السودانية الخرطوم ومنطقة جبل أولياء. وأظهرت مقاطع فيديو متداولة تنفيذ عمليات القتل على يد عناصر من الجيش السوداني، بمشاركة مجموعات مسلحة تقاتل إلى جانبه، في ظل ما وصفته المنظمات بـ”تواطؤ إعلامي وتحريضي” عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ووفقاً لمجموعة “محامو الطوارئ”، وقعت عمليات الإعدام في أحياء بري، الجريف غرب، الصحافات، مايو، الأزهري، والكلاكلات، بالتزامن مع حملات دعائية يقودها مؤيدون للجيش، تبرر هذه الأفعال بذريعة “التعاون مع قوات الدعم السريع”، وهو ما اعتبرته المنظمات الحقوقية محاولة لإضفاء غطاء شعبي على الانتهاكات المتزايدة.
ووصفت المنظمات الحقوقية هذه التصفيات بأنها “انتهاك خطير للقوانين الوطنية والدولية”، مؤكدة أن عمليات القتل خارج نطاق القضاء، خاصة التي تستهدف أسرى ومدنيين دون محاكمة عادلة، تُعد جرائم حرب بموجب اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكولات الملحقة بها.
وأشار تقرير المجموعة الحقوقية إلى أن تكرار هذه الجرائم، لا سيما بعد سيطرة الجيش السوداني على مدينة ود مدني، يعكس وجود “سياسة ممنهجة” تهدف إلى ترهيب المدنيين وزرع الخوف، ما يصنفها كجرائم ضد الإنسانية وفق المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وحذّرت المنظمات الحقوقية من أن تبرير هذه الإعدامات بالتهم الجاهزة، مثل “التعاون مع الدعم السريع”، يسهم في إذكاء خطاب الكراهية، ويدفع المجتمع نحو ثقافة الانتقام وتصفية الحسابات خارج نطاق القانون، مما يشكل تهديداً مباشراً للنسيج الاجتماعي السوداني.
كما أشارت إلى أن بعض الضحايا استُهدفوا بناءً على انتماءاتهم الجهوية أو دورهم في لجان المقاومة والعمل الإنساني، بما في ذلك المشرفون على “التكايا” التي تقدم وجبات للمتضررين من النزاع، ما يزيد من خطورة عمليات التصعيد.
وطالبت المنظمات الحقوقية بوقف فوري للإعدامات خارج القانون، ومحاسبة المتورطين فيها، سواء من منفذين أو محرضين، وتقديمهم للعدالة لضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
كما دعت إلى إنهاء حملات التحريض عبر وسائل التواصل الاجتماعي، محذّرة من تداعياتها على السلم الأهلي، ومشددة على أن استمرار الإفلات من العقاب سيؤدي إلى مزيد من التصعيد والانتهاكات في البلاد.
وتزامن الكشف عن هذه الجرائم مع تحرك داخل الكونغرس الأميركي، حيث قدّم عضو لجنة العلاقات الخارجية، النائب جريجوري مييكس، مشروع قانون يهدف إلى محاسبة المسؤولين عن الإبادة الجماعية وجرائم الحرب في السودان، عبر فرض عقوبات على المتورطين في الانتهاكات الجسيمة.
ويتضمن مشروع القانون تقديم مساعدات إنسانية عاجلة ودعم جهود حماية المدنيين، بالتنسيق مع الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، في محاولة للحد من تصاعد الأزمة الإنسانية المتفاقمة في السودان، التي أودت بحياة أكثر من 150 ألف شخص، وأجبرت نحو 15 مليونًا على النزوح، وسط مخاوف متزايدة من مجاعة وشيكة.